حرب الحكومية الباكستانية وحركة طالبان باكستان وتأملات للشعب الباكستاني!

#image_title

بقلم: مفتي أبو حارث

کمواطن باكستاني حر منذ فترة طويلة وأنا أتابع وأستمع إلى جميع برامج المتحدث باسم الجيش الباكستاني (ISPR) ومنصات إخبارية تابعة لحركة طالبان باكستان (كعمر ميديا) بهدف التحقق من الأخبار المتعلقة بالحوادث الإرهابية لذا سأحاول في هذا المقال الوقوف على حقائق هذه الحرب. فمن هم الذين تحاربهم المؤسسات الحكومية؟ وهل ستنتصر مؤسسات الدولة في هذه المعركة أي معركة عزم الاستحكام بإطلاق عمليات جديدة؟

 

ربما تستقر كلماتي في قلبك.

 

وفي الأيام القليلة الماضية، أتيحت لي أيضًا الفرصة للاستماع إلى مؤتمرين صحفيين متتاليين للجيش، كشف خلالهما المتحدث باسم الجيش، الجنرال أحمد شريف، عن بعض المعلومات.

وصرح أن الأجهزة الأمنية نفذت هذا العام 23 ألفاً و622 عملية، أي أن 112 عملية تجري يومياً، قُتل فيها 139 من أفراد الجيش فقط، فيما قُتل 398 إرهابياً واعتقل الآلاف.

 

من ناحية أخرى، نشرت منصة إخبارية تابعة لحركة طالبان باكستان (عمر ميديا) أيضًا تقريرًا عن عمليات الأشهر الستة الأولى من العام (2024)، وبحسب منصة عمر ميديا هاجمت حركة طالبان الباكستانية قوات الأمن الباكستاني، وفيما يلي تفاصيل الهجمات التي وقعت في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران:

 

إجمالي الهجمات: 497

 

يناير: 75

فبراير: 65

مارس: 66

أبريل: 96

مايو: 99

يونيو: 96

 

خسائر العدو:

الضحايا: 483

الجرحى: 649

إجمالي القتلى والجرحى: 1132

الاعتقالات: 3

 

لو أضفنا مع التقرير نصف السنوي عمليات يوليو/تموز أيضًا وبذلك يكون أكبر عدد العمليات في شهر واحد في تاريخ حركة طالبان الباكستانية، فإن العدد سيشهد زيادة كبيرة.

يوليو

القتلى: 91

الجرحى: 124

إجمالي القتلى والجرحى: 215

 

ووفقاً لهذا الحساب فإن نسبة قتلى دولة باكستان خلال سبعة أشهر هي كما يلي:

 

يناير إلى يوليو

إجمالي القتلى: 574

إجمالي الجرحى: 773

إجمالي القتلى والجرحى: 1347

 

وفي سياق التقريرين أعلاه، نحاول تقدير أن لا أحد من الأطراف مستعد لقبول نسبة الضحايا في هذه الحرب، ثم يطرح السؤال من يتحمل هذه الخسائر في نهاية المطاف؟

 

وإذا قللت حركة طالبان الباكستانية من خسائرها، فهذا أمر مفهوم إلى حد ما، لأن حربها عبارة عن حرب عصابات، حيث يسجل المقاتلون معدلات خسائر منخفضة للغاية، ويعاني خصومهم من خسائر كبيرة للغاية، لكن الخسائر التي ذكرتها دولة باكستان ولا تعترف بها حركة طالبان الباكستانية، فأي مخلوق يتحمل هذه الخسائر؟ من هو الذي يصمت حتى بعد أن تكبد الكثير من الخسائر في الأرواح؟

للعثور على إجابة لهذا السؤال الملح، وكسر سحر الصمت، يمكننا أن نزعم بكل ثقة أن الخسائر التي لا تعترف بها حركة طالبان الباكستانية لا يتحملها الأجانب حتماً، بل يتحملها شعب باكستان.

وأنا لا أدعي هذا دون سبب، ولكن على أساس العديد من الحجج القوية والأدلة القوية، أجرؤ على قول ذلك كمواطن باكستاني حر، إن شعب باكستان يتحمل الخسائر التي تطالب بها مؤسسات الدولة.

سأحاول فحص مطالبتي في سياق المحكمة العامة، أيا من هذين الطرفين يعتبره شعب باكستان مسؤولاً عن هذه الخسائر؟

من بعض الأمثلة لدى محكمة العامة يستطيع القارئ أن يعرف من هي الجهة المسؤولة عن الدمار الشامل في هذه الحرب.

 

المثال الأول:

كلما أثار الشعب الباكستاني قضية المفقودين، كانوا يحملون دولة باكستان مسؤولية اختفاء آلاف الباكستانيين على مدى عقدين من الزمن، ويطالبون مؤسسات الدولة أيضًا باستردادهم، والشعب قد عرفوا المؤسسات التي تقوم باختفاء الناس، ومن التاريخ الذي تم فيه القبض على شخص، ترددت الأمهات والأخوات مع الشهود، كبارًا وصغارًا، إلى أبواب المحاكم وقاعاتها إلى أن يئسوا، هذا العام في شهر مايو، اعترف أحمد شريف في مؤتمره الصحفي، بحوالي 10.000 شخص مفقود بأن هؤلاء الأشخاص موجودون في المؤسسات، لكن حتى مع ذلك، لم يتم منحهم فرصة للخضوع للإجراءات القانونية.

 

 

 

كما أن الجهات الحكومية التي تعتقل الأبرياء تضعهم في زنازين لفترة طويلة وتنساهم، وليس لدى الأهل والآباء والأطفال والأقارب أي علم بحياة أولادهم وموتهم، وعند الحاجة يبقونهم جائعين وعاطشين، ويسممونهم، أو في مسابقة وهمية يُحرم هؤلاء المساكين عن الحياة، ويُقتلونهم بوحشية وأسوء الحال.

وإذا أرادوا إطلاق سراح سجين، فإنهم يتصلون بأقاربه الفقراء ويطلبون منهم أموالاً كثيرة بدل سراحه وبهذا يأخذون كل أموال المعيشة من السجين وأقاربه. وإلى الله المشتكى، أن هذه الكلمات ليست عن خيال، بل هي حقيقة، وكاتبها شاهد عيان.

ويعني هذا العمل بوضوح أن هدف المؤسسات الحكومية في العملية المسماة باسم عزم أو رد الفساد هو في الغالب الأشخاص والطبقات السياسية الذين يشكلون عقبة أمام مصالح المؤسسات الحكومية.

المثال الثالث:

تسبب الجيش الباكستاني في دمار واسع النطاق باسم محاربة الإرهابفي الحزام القبلي وأجبر الملايين من المواطنين على الهجرة، ومع الاستخدام العشوائي للطائرات النفاثة والمروحيات والطائرات بدون طيار الأمريكية والمدفعية، تحولت ملايين القرى إلى خراب ودمار، وتم إخلاء مئات المساجد والمدارس والمستشفيات وتحويلها إلى معسكرات عسكرية، وأصبح ملايين الأشخاص ضحايا في هذه الحرب، ولقد أُجبروا على أن يعيشوا حياة إذلال في معسكرات العمل، والمفارقة هي أنه باسم هؤلاء الضحايا، تقوم مؤسسات الدولة بملء جيوبهم من خلال جمع الدولارات والموارد من الجمعيات الخيرية الدولية.

 

المثال الرابع:

قال بابر افتخار المتحدث السابق باسم التنظيم العسكري “ISPR” في مؤتمر صحفي في يناير/كانون الثاني 2018،: تم الكشف عن قيام أجهزة الدولة بأكثر من 150 ألف عملية ضمن عملية رد الفساد، رغم أن هذا جاء في الوقت الذي أعلن فيه الجيش رسميا عن كسر ظهر الإرهابيين، ومؤخراً اعترف المتحدث باسم الجيش أحمد شريف بتنفيذ أكثر من 23 ألف عملية، وأعلن عن عملية عسكرية أخرى، فإن شوهد تحديد عملية عزم الاستحكام، وبيانات هذه العمليات يعلم أنه تم إجراء 112 عملية يوميا.

بعد إعلان عملية عزم الاستحكام، رفضته الأمة الباكستانية بأكملها، بما في ذلك جميع الأحزاب السياسية والدينية، بشكل كامل، لأن الشعب الآن يدرك أن هدف هذه العمليات لن يكون إلا الشعب.

والآن تجدر الإشارة إلى أنه في كل عملية أخرى يتم القبض على شخص واحد ويتم التعرف على مقتل شخص واحد، لأنه في هذه العمليات لا يتم توزيع الحلوى بل إطلاق نار عشوائي وقصف واستخدام مفتوح للمدفعية والدبابات، سيتم في هذه العمليات المائة والخمسين ألف اعتقال أكثر من 50 ألف شخص وقتل أكثر من 50 ألف شخص.

 

وهنا يطرح سؤال آخر: إذا كانت مؤسسات الدولة تقوم بعمليات ضد الإرهابيين داخل باكستان الذين يبلغ عددهم الملايين، فكيف يمكنهم إلقاء اللوم بلا خجل على إمارة أفغانستان الإسلامية والادعاء بتسلل الإرهابيين من أفغانستان إلى الأراضي الباكستانية؟

 

إنني أضحك من مثل هذه الادعاءات السخيفة التي تطلقها مؤسسات الدولة، والتي لا تكل أبداً من القول إن الإرهابيين يستخدمون الأراضي الأفغانية.

وينبغي للقراء أن يأخذوا في الاعتبار أن ادعاء دولة باكستان هو أننا أغلقنا الحدود بالكامل عن طريق تركيب الأسلاك الشائكة من خلال إنفاق أكثر من 550 مليون دولار أمريكي على الحدود التي يبلغ طولها 2700 كيلومتر، وهي الآن طريق جمن وتورخام، ولا أحد غير هذا يمكن أن يذهب إلى أفغانستان ولا يمكن لأحد أن يذهب إلى باكستان من أفغانستان.

 

لأجل مراقبة هذه الحدود بالكامل، تم توظيف 800 طائرة مسيّرة صغيرة وكبيرة، والتي تشمل أحيانًا الطائرات المسيّرة الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، تم توزيع نقاط التفتيش على طول الحدود، وكاميرات حرارية حديثة وأضواء، وتم نشر مئات الآلاف من الجنود وقوات FC. فمع كل هذه التدابير، كيف يكون من الممكن أن يعبر الإرهابيون الحدود؟

 

برأيي، الغرض من هذه الاتهامات هو فقط تحميل الفشل الخاص بهم على عاتق الإمارة الإسلامية، خداع العامة، والحصول على المزيد من الدولارات من أمريكا.

 

الهدف الرئيسي من ذكر هذه الأدلة هو:

الجيش الذي يعجز عن مواجهة العدو ويبدأ في استخدام القوة الحكومية ضد شعبه، ويعتبر الحرب تجارة، لن يبقى طويلاً قبل أن يواجه الهزيمة والعار. لا يزال هناك وقت لكي تستيقظ المؤسسات الحكومية وتتوقف عن الحرب ضد شعبها، وإلا فإن ذلك اليوم ليس ببعيد حين تواجه هذه النخب السياسية والعسكرية مقاومة شعبية مشابهة لما واجهته رئيسة وزراء بنغلاديش حسينة واجد، ولن يكون لديهم خيار سوى الفرار.

 

(بقلم المفتي أبو حارث: خريج ومتخصص الجامعة الإسلامية مخزن العلوم كراتشي

(7 أغسطس 2025 م الموافق 2 صفر المظفر 1446هـ)

طلحه قندوزي
Exit mobile version