التقيم الشرعي لإعتراضات داعش على الإمارة الإسلامية! الجزء الخامس عشر

المولوي أحمد علي

#image_title

العلامة البيضاوي رحمه الله:

يقول العلامة البيضاوي رحمه ‌الله في كتابه الأسرار والتنزيل المعروف بتفسير البيضاوي:

﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾ أي ومن والاهم منكم فإنه من جملتهم، وهذا التشديد في وجوب مجانبتهم كما قال عليه الصلاة والسلام: «لا تتراءى ناراهما». (المجلد الثاني، صفحة ۱۳۰)

يقول العلامة أبو حیان الأندلسي رحمه‌ الله تعالى في تفسيره البحر المحيط الملجد الثالث صفحة 406: ﴿ومن يتولهم منكم﴾ في العهد ﴿فإنه منهم﴾ في مخالفة الأمر، وهذا تشديدٌ عظيمٌ في الانتفاء من أهل الكفر، وترك موالاتهم، وإنحاء عبد الله بن أبي ومن اتصف بصفته ومن تولاهم بأفعاله دون معتقده ولا إخلال بإيمان فهو منهم في المقت والمذمّة، ومن تولاهم في المعتقد فهو منهم في الكفر.

 

الإمام القرطبي رحمه الله تعالى:

يقول الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره المجلد السادس صفحة 217:

قوله تعالى: ﴿ومن يتولهم منكم﴾ أي يعضدهم على المسلمين ﴿فإنه منهم﴾ بيّن تعالى أن حكمه كحكمهم، وهو يمنع إثبات الميراث للمسلم من المرتد، وكان الذي تولاهم ابن أبيّ، ثم هذا الحكم باق إلى يوم القيامة في قطع الموالاة، وقد قال تعالى: ﴿ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النار﴾ (هود: 113) وقال تعالى في “آل عمران”: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكٰفرين أولياء من دون المؤمنين﴾ (آل عمران: 28).

وقال تعالى: ﴿لا تتخذوا بطانة من دونكم﴾ (آل عمران: 118) وقد مضى القول فيه. وقيل: إن معنى ﴿بعضهم أولياء بعض﴾ أي في النصرة ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾ شرطٌ وجوابه، أي لأنه قد خالف الله تعالى ورسوله كما خالفوا، ووجبت معاداته كما وجبت معاداتهم، ووجبت له النار كما وجبت لهم، فصار منهم أي من أصحابهم.

لقد بيّن القرطبي رحمه الله في تفسير سورة الممتحنة أن الذي تعاون مع الكفار لمصلحة مادية لم يكن بذلك كافرا، واعتقاده على ذلك سليم.

كذلك بيّن العلامة القرطبي رحمه الله في تفسير آية سورة المائدة أيضا أن من تعاون مع الكفار وكانت عقيدته فاسدة، يعتبر هذا التعاون كالموالاة المطلقة والتامّة، والموالاة المطلقة والتامّة عبارة عن تعاون قائم على الخبث الباطن وفساد العقيدة، ولذلك ذكر مولاة ابن أبي بأنها كانت لسوء عقيدته، ولكن يوجد في تفسير سورة الممتحنة تصريح وبيان أكثر بالنسبة إلى سورة المائدة.

يقول العلامة النسفي رحمه الله في تفسير آية: ﴿يا أيها الذين اٰمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء﴾ «وفیه دلیل على أنّ الکبیرة لا تسلب اسم الایمان» (المدارك، المجلد الثالث: ص ۴۶۶)

 

العلامة إسماعيل الاستنانبولي رحمه الله:

يقول العلامة إسماعيل الإستانبولي رحمه الله في تفسير روح البيان، المجلد التاسع صفحة 382 من تفسيره:

(روي) أن حاطبا رضى الله عنه لما سمع ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ غشي عليه من الفرح بخطاب الإيمان، لما علم أن الكتاب المذكور ما أخرجه عن الإيمان لسلامة عقيدته، ودلّ قوله: ﴿وعدوكم﴾ على إخلاصه، فإن الكافر ليس بعدو للمنافق، بل للمخلص.

العلامة العيني رحمه الله:

يقول العلامة العيني رحمه الله في كتابه “عمدة القارئ شرح صحیح البخاري” المجلد الثامن، صفحة 190 في شرح حديث “من حلف بملة غیر الإسلام کاذبا متعمّدا فهو کما قال”: عن ثابت ابن الضحاك رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال، قوله: “كاذبا” حال من الضمير الذي في “حلف”، قوله: “متعمدا” أيضا حال من الأحوال المتداخلة أو المترادفة، قيّد به لأنه إذا كان الحالف بذلك غير معتقد لذلك فهو آثم مرتكب كبيرة؛ إذ قد تشبه في قوله بمن يعظم تلك الملة ويعتقدها، فغلظ عليه الوعيد بأن صير كواحد منهم مبالغة في الردع والزجر، كما قال تعالى: ﴿ومن يتولهم منكم فإنه منهم﴾ (المائدة: 15).

وقال القرطبي: قوله: “متعمدا”، يحتمل أن يريد به النبي ﷺ من كان معتقدا لتعظيم تلك الملة المغايرة لملة الإسلام، وحينئذ يكون كافرا حقيقة، فيبقى اللفظ على ظاهره. قوله: “فهو كما قال” قال ابن بطال: أي: هو كاذب لا كافر، ولا يخرج بهذه القصة من الإسلام إلى الدين الذي حلف به؛ لأنه لم يقل ما يعتقده، فوجب أن يكون كاذبا، كما قال: لا كافرا.

ومعنى العبارة أن التولي أو الحلف بدين باطل إنما يكون كفرا لدى الأئمة إذا كان عن فساد العقيدة، ولا يعدّ المرء كافرا إن لم يكن تعاونه عن فساد في المعتقد بل كان بسبب مصالح مادية أو شخصية، كرسالة حاطب ابن أبي بلتعة رضي الله عنه إلى قريش مكة، وإشارة أبي لبابة بن منذررضي الله عنه باليد لليهود، وإلقاء القبض على فرات بن حيان بتهمة التخابر ومن ثم إطلاق سراحه لأنه قال لنبي الله صلى الله عليه وسلم إني مسلم، مع أن النبي عليه السلام أراد قتله، أو دعم سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه لرئيس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول في قصة الإفك، حيث قال سعد بن عبادة رضی‌الله‌عنه لسعد بن معاذ رضی‌ الله ‌عنه (الذي اهتز عرش الرحمن لوفاته) کذبت والله لا تقتله ولا تقدر على قتله، وتقول أم المؤمنین عائشة الصدیقة رضي‌ الله ‌عنها عن سعد بن عبادة: “وکان قبل ذلك رجلا صالحا ولکن احتملته الحمیة”.

ابو صارم
Exit mobile version