أسباب ظهور داعش!

جنيد زاهد

إذا أردنا أن نبحث عن المسارّ التاريخي لظهور هذه الجماعة والحركة المسلحة في الواقع فإننا نجد أن ظهورها يعود إلى ما بعد قيام النظام الديمقراطي في العراق وصعود جماعة معينة إلى السلطة في تلك البلاد، حيث ظهرت هذه الحركة ميدان النضال باسم وشعار  الدولة الإسلامية في العراق والشام، وكانت لها خطة لنفسها ونضالها.

كانت هذه الحركة منذ نشأتها تهدف إلى الإطاحة بالسلطة، وكانت تعتقد أن فكرها يجب أن يسود، وأن كل الحركات يجب أن تنجذب إليها.

إن الجماعة المعروفة باسم دولة العراق والشام (داعش) كانت جماعة مسلحة متعطشة للدماء ذات أفكار وأساليب فظيعة، وقد كانت تعمل على تعطيل الأنظمة، وخاصة في الشرق الأوسط، حتى يتمكنوا من تحويل العالم إلى مكان حزين من خلال خلق الوحشية والشعور بالقسوة الممنهجة، ونشر أفكارهم النجسة باسم الدين وهتاف الشريعة.

إن الجماعة التي أعلنت في تأسيسها ودستورها تطبيق الشريعة الإسلامية هدفها الأسمى، شوهت سمعة الشريعة بأساليب خطيرة للغاية.

إذا نظرنا بشكل أعمق إلى أحوال العالم المعاصر، سنجد أن الإرهاب أصبح أحد القضايا والمشكلات الرئيسية في العالم هذه الأيام، في حين أن الشرق الأوسط الذي يغذي في الواقع هذا الطفل غير الشرعي في حضنه، أصبحت في متناول التغيرات والتطورات المدمّرة.

إن ظاهرة داعش هي الأسوأ والأكثر وحشية، وفي ذروة هذه الوحشية، وهي واحدة من أقوى المجموعات التي ظهرت على الإطلاق في الميدان، وهي حركة مرتزقة بعد.

إذا أردنا أن نجد أسباب وعوامل نشوء هذه الحركة، فلا بد أن ندرس أوّلاً الأسس التي نشأت عليها هذه الجماعة، حتى نتمكن من معرفة أسباب نشوئها بشكل صحيح.

إن تنظيم داعش تلك الحركة التي نسج نسيجها بالقسوة والتدمير، لم يجعل البلدان العربية فقط غير آمنة، بل كل جعل كل بلدان المنطقة غير آمنة.

كيف ولماذا تم إنشاء هذه المجموعة؟

رداً على سؤال كيف ولماذا نشأ تنظيم داعش، لا بد من الاعتراف بأنه في الخطوة الأولى، فإن عدم وجود برامج مشتركة بين بلدان المنطقة يدفع جماعات مثل داعش إلى الظهور واكتساب المشروعية.

إن غياب خطة منتظمة ودقيقة يدفع مجموعات مختلفة تتخيل العالم بلا صاحب وبلا خطة وتتخيل نفسها كمنقذين في هذا الفراغ الذي يفتقر إلى التخطيط.

أما العامل الثاني في تشكيل هذه الحركة القاتلة فهو الجشع والأمل في الحصول على الثروة والمكانة.

ولم يكن هذا هو السبب الوحيد لظهور داعش في المنطقة، بل يعد أحد الدوافع الأساسية للجماعات الهدامة كلها.

حرب العراق وسوريا ودور أمريكا

ينشأ التوتر بين القوى عندما يعتقد أحد هؤلاء المطالبين بالسلطة العليا أن قوته آخذة في الانحدار وأنه اتخذ خطوة نحو التراجع.

إن الولايات المتحدة، التي قامت بدور مهم في التطوّرات الأخيرة في الشرق الأوسط وآسيا، لعبت أيضاً دوراً أكثر تنوعاً في إنشاء تنظيم الدولة الإسلامية من أي عنصر آخر.

ومن خلال إشعال الحروب الأهلية في العراق ثم في سوريا، تخيلت أميركا الأمل في تحقيق أهدافها على نحو وشيك.

ولكي يحقق هذا الحلم، لا بد أن تكون لديه مجموعات بالوكالة وأشخاص يستمعون إليه، والذين يستطيعون تمهيد طريقه غير المستوي في حال حدوث أي انتهاك من قبل حلفائه.

أميركا نظمت تحرك داعش وفق خطة محددة، ووضعت تنظيمه تحت سيطرة استخباراتها التي كانت تعمل في المنطقة؛

وكانت الخطة الأولى لأميركا هي تدمير الحركات الجهادية الأخرى من خلال صناعة حركات مماثلة في المنطقة، وخاصة في العراق وسوريا، مما قد يشكل عائقاً أمام خطط أميركا ومخطاتطها في المستقبل.

ولأن الخطط الأميركية طويلة الأمد كانت تحمل قدراً من المكر والدهاء، فقد تم وضع خطة داعش، التي نجحت في تدمير الحركات الجهادية أو تشويه سمعتها على الأقل، ضمن أولويات الخطط طويلة الأمد لهذا الظل الشرير، وإن العراق وسوريا كانتا بمثابة أرض خصبة لترسيخ وتعزيز هذه الخطة.

Exit mobile version