كيفية تمويل داعش! الجزء الخامس   

حجاز تميم

سرقة المساعدات الإنسانية!

لا تقتصر جماعة داعش في تحقيق أهدافها العسكرية والفكرية على استخدام السلاح والعنف فحسب، بل إنها أساءت كذلك استخدام الموارد الإنسانية والإغاثية لأغراض سياسية ومالية. فقد أظهرت تقارير دولية موثوقة خلال السنوات الماضية (مثل تقارير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة WFP، وقناة فرانس 24، وBBC وغيرها من الوسائل الإعلامية) أن داعش لم تكتفِ بسرقة المساعدات أثناء توزيعها، بل أعادت تغليفها بعلاماتها الخاصة وقامت بتوزيعها على المحتاجين باسمها.

في حين أن المساعدات الإنسانية تهدف إلى إنقاذ حياة المحتاجين، حولتها داعش إلى وسيلة للسيطرة على المناطق التي تسعى للنفوذ فيها، وللتأثير على الناس، وكذلك لتمويل نفسها مادياً. ويعد هذا السلوك انتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان الأساسية، ومحاولة لتقويض الثقة بالمؤسسات الإغاثية والنظام الإنساني الدولي برمته.

وسنقوم في هذا الجزء بتحليل سرقة المساعدات من قِبل داعش، وأهدافها الاستراتيجية الخفية، بالاعتماد على المصادر العالمية التي وثّقت هذه الظاهرة:

1- مخاوف الأمم المتحدة:

في عام 2015، أصدر برنامج الأغذية العالمي (WFP) التابع للأمم المتحدة تقريراً أفاد فيه أن مساعداته الغذائية سُرقت من قبل داعش، وأُزيلت شعارات البرنامج عنها، ثم أعيد تغليفها بعلامات داعش وتوزيعها باسمها. الهدف الحقيقي من ذلك كان كسب مزيد من الدعم الشعبي وإظهار “الشرعية”. وقد نشرت BBC News وFrance 24 Observers تقارير مماثلة.

2- تقرير Business Insider حول سوء استخدام المساعدات الإنسانية:

ذكر هذا الموقع أن داعش كانت تفرض رقابة صارمة على شروط توزيع المساعدات، وكانت تصر على أن تتم جميع عمليات التوزيع تحت إشرافها الكامل. وإذا وُجدت علامة أي منظمة أخرى على الطرود، كانت تمنع توزيعها. كان هدفها الاستئثار الكامل بالفضل وكسب دعم السكان المحليين.

3- فرض رسوم قسرية على نقل المساعدات:

خلال عمليات إيصال المساعدات، كانت داعش تفرض رسوماً قسرية على المنظمات الإنسانية، تحت مسميات مثل “تكاليف النقل” أو ما شابه، لكنها في الحقيقة كانت نوعاً من الإتاوات التي شكلت جزءاً مهماً من دخل داعش المالي.

الأهداف الاستراتيجية لداعش من وراء سرقة المساعدات:

1- تأمين مصادر مالية:

كانت داعش تبيع هذه المساعدات لتأمين مصادر تمويلها، وقد حققت من ذلك عائدات بملايين الدولارات.

2- استبدال مصادر التمويل:

في أوقات الحرب أو في ظروف تقيّد التمويل المباشر، كانت الجماعة تستخدم المساعدات كبديل غير مباشر لمصادر التمويل، عبر تقنيات غسل الأموال، والتي سيتم شرحها بالتفصيل في أجزاء لاحقة بإذن الله.

3- توسيع النفوذ:

كانت داعش توزع بعض المساعدات المسروقة في المناطق الخاضعة لنفوذها، بعد وضع شعارها عليها، بهدف إظهار نفسها كجهة خدمية، وكسب تعاطف ودعم الناس المحليين.

4- مكاسب دعائية:

كانت داعش توثق عملية توزيع هذه المساعدات عبر فيديوهات تُظهر مقاتليها وهم يقومون بالتوزيع، لتكون جزءاً من حملتها الدعائية الرامية إلى كسب دعم الرأي العام وإظهار “شرعيتها”.

Exit mobile version