غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم والدروس المستفادة منها! الجزء الرابع والعشرون

أبو ريان الحميدي

غزوة ذي أمر:
وصلت أنباء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن جمعًا كبيرًا من بني ثعلب ومحارب تجمعوا ينوون الإغارة على أطراف المدينة المنورة، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم مع أربعمائة وخمسين مقاتلاً ما بين راكب وراجل، وعندما علمت هذه القبائل بمسير جيش الإسلام نحوهم، تفرّقوا وفرّوا إلى رؤوس الجبال.
عسكر جيش الإسلام في منطقة “ذي أمر” قرب عين هناك، وقضوا حوالي شهر ليُشعرهم بقوة المسلمين، وقعت هذه الغزوة في السنة الثالثة من الهجرة، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان على المدينة المنورة.
ربي هو سيحميني!
في أول ليلة من الغزوة، هطلت الأمطار فابتلت ثياب النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل تحت شجرة ونشر ثيابه لتجف، وكان المشركون يراقبونه دون أن يشتغلوا به، بعث المشركون رجلاً شجاعًا يُدعى غورث بن الحارث (أو دُعثور بن الحارث)، فاقترب من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحمل سيفًا صقيلًا، وهاجمه بالسيف وقال: “يا محمد! من يمنعك مني اليوم؟”
فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم: “الله”، فتدخل جبريل عليه السلام، فدفع السيف من يده، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: “من يمنعك مني؟”فأجاب دُعثور في حسرة: “لا أحد.” لم يمض وقت طويل حتى أدرك دُعثور قدرة الله تعالى، ففتح الله صدره وآمن ونطق بالشهادة، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم سيفه، وعندما عاد دُعثور إلى قومه، سألوه ماذا حدث، فقال:
“رأيت رجلاً طويلًا دفعني في صدري فسقطت على ظهري، وعرفت أنه ملك، فشهدت أن محمدًا رسول الله، وأصبحت من أنصاره.” وبذلك صار دُعثور داعيًا لطريق الإسلام، يدعو قومه إلى الإسلام.
غزوة بُحران:
وقعت هذه الغزوة في السنة الثالثة من الهجرة، في شهر جمادى الأولى، حيث سار النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثمائة فارس إلى منطقة بُحران بين مكة والمدينة بهدف قتال بني سليم، لكنهم فروا، فلم تقع معركة، عسكر الجيش الإسلامي هناك عشرة أيام ثم عاد إلى المدينة.
الدروس المستفادة من غزوات كُدر، السويق، ذي أمر وبُحران:
1.تثبت غزوة الكُدر أن من قاتلكم فقاتلوه، ومن جنح للمصالحة فصالحوه، وهذه هي السياسة النبوية التي انتهجها رسول الله صلى الله عليه وسلم تجاه اليهود.
2. تكشف هذه الغزوات عن قوة نظام الاستخبارات في الجيش الإسلامي، حيث تمكن النبي صلى الله عليه وسلم من كشف وإحباط خطط القبائل المعادية قبل اندلاع الحرب المباشرة.
3. يجب على الحركات والجيوش الإسلامية اليوم أن تستفيد من هذه الاستراتيجية؛ فلا ينبغي السماح للفتن بالنمو والانتشار وإضرار المسلمين، بل يجب منعها والقضاء عليها قبل أن تنتشر.

Exit mobile version