الإسلام دينُ عمل لا دينُ مجرَّد إدانة!

راشد شفیق

لم يَكُن المسلمون في الحضارة الإسلامية يومًا صامتين أمام الظلم أو الغزو أو الباطل. الإسلام دين لا يترك أتباعه محصورين في الدعاء والمشاعر والشعارات الفارغة، بل يأمر بالرد العملي على كل اعتداء. لقد أُمر المسلمون بالنصرة للعمل بالحق ومواجهة الباطل عمليًا.

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ». (الأنفال: آیة ٦٠)
هذه الآية توضّح أن الإسلام ليس كلامًا جوفاء، بل دينُ استعدادٍ وإجراءات عملية.

وكذلك يقول تعالى: «ولا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» (سورة آل عمران، آية 139) هذه الآية المباركة تُعلّم المسلم الثبات والصبر والرفعة في أحلك الظروف، وتحذّره من الضعف واليأس.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا يختار الموقف العملي أمام الظلم. فغزوات بدر وأحد والخندق لم تكن مجرد ردٌّ دفاعيّ، بل كانت لاقتلاع جذور الباطل. وحتى صلح الحديبية كان إجراءً حكيمًا وعمليًا، وليس مجرد رفْض أو مجرّد تأنيب.

في التاريخ الإسلامي حفظ المجاهدون والفتوحيون والعلماء دينهم وعزّتهم ووطنهم ليس بالكلام وحده، بل بالتضحيات والهجرة والجهاد والمثابرة العملية: من قتيبة بن مسلم إلى صلاح الدين الأيّوبي وإلى الإمام أحمد بن حنبل — كلهم نماذجٌ للعمل الفعلي.

وفي التاريخ المعاصر، كان الشعب المسلم الأفغاني من الأمم التي وجَّهت ردودًا عملية أمام الاستعمار والاحتلال والظلم؛ فقد قاوموا غزوات جنكيز خان وابنائه، وحملات التعصب الصفوي، والغزوات الاستعمارية الإنجليزية، والاحتلال السوفييتي المسلح، وصولًا إلى الاحتلال الأمريكي — ولم يغمضوا أعينهم عن أي اعتداء.

مؤخرًا، أظهر مجاهدو الإمارة الإسلامية ردًا حاسمًا وقاطعًا على محاولات الاعتداء الفاشلة من قِبل باكستان، وهو ردٌّ يدلّ على التزام النظام الراهن بواجب الوطن والكرامة الوطنية. لم يكن ذلك مجرد عمل عسكري، بل رسالة عمليّة قوية تُجسّد عزم الأجيال المجاهدة واتباع نهج الأجداد.

وكما كان أبطَالُ تاريخنا يصدّون العدوان، فإن النظام الإسلامي الحالي لا يقبل أن تمر أيّ عدوانية أو اعتداء دون ردّ.

إن مجاهدي الإمارة الإسلامية اليوم هم نموذجٌ واضح لما نصّت عليه الآيات: لم يستسلموا لليأس ولا للضعف، بل طالبوا مرارًا بالسلام واتباع اللين حين أمكن، ومع ذلك كانوا حازمين في الدفاع عن الأرض والكرامة. هذا الردُّ لم يُعزّز وحدتنا الداخلية فحسب، بل بعث رسالةً للعالم مفادها أن أرضَ الأفغان ليست عرضةً للاغتصاب ولا للاستضعاف؛ من يعبث بحدودنا سيقابل بردٍّ قاطعٍ وشامخ.

Exit mobile version