عالم بلا داعش! الجزء الأول

شكيب جلال

في الحقيقة، يشهد العالم المعاصر تغيّراً مستمراً في كل لحظة، حتى أصبح كعجلة غير متوازنة، والتحوّلات تحدث بوتيرة متسارعة تُحيّر حتى أعمق المحلّلين.

لقد أصبح عدم الاستقرار سائداً إلى حدٍّ لم يعد فيه أي تحليل يُعتبر ثابتاً ودائماً، ولا أي محلّل يجرؤ على اعتبار قناعاته نهائية أو أبدية.

الظواهر تنشأ بسرعة، تنمو بسرعة، وتزول وتنهار بنفس السرعة، لأنها تفتقر إلى الأصالة والجذور.

وفي هذا العالم الذي يعيش حالة تغيّر دائمة، إذا نظرنا إلى تنظيم داعش الإرهابي، سندرك أن غياب مثل هذه الجماعات سيجعل العالم أكثر هدوءاً واستقراراً.

بل إنّ العالم بلا داعش سيكون جميلاً وهادئاً إلى درجة تتجاوز حتى تصوّرات أكثر الناس تفاؤلاً بشأن الأوضاع الراهنة.

لقد زرعت ظاهرة داعش الخوف في أذهان الشعوب إلى درجة غاب معها الأمن والطمأنينة، فقد نشر هذا التنظيم، بعملياته الإرهابية التي لا تعترف بأي حدود إنسانية أو دينية، حالة من الرعب والفزع على نطاق واسع في العالم.

وإذا تخيّلنا عالماً خالياً من داعش ومن جميع الجماعات التي تحمل في عقولها وأعمالها هذه العقيدة الظلامية المتمثّلة في الرعب والإرهاب، لوجدنا أنفسنا أمام عالم أكثر سلاماً وطمأنينة.

إنّ الجيل الجديد والعصر الحديث بحاجة إلى السلام والاستقرار أكثر من جميع العصور والأجيال السابقة، وهم يسعون جاهدين لنيل حياة آمنة ومستقرّة.

وما يفتقده هذا الجيل اليوم في حياته هو الطمأنينة، وفي فكره هو السكينة، وأيّ عامل يهدّد هذين العنصرين أو يسعى إلى زوالهما، لا مكان له في هذا العصر ولا في عقول أبنائه، بل يُقابل بالرفض والكراهية.

والحقيقة أنّ ظاهرة الإرهاب والرعب لا مكان لها في الفكر الإسلامي وتعاليمه، بل هي ظاهرة مدانة ومرفوضة.

إذا استمر تنظيم داعش في النهج الذي يسير عليه اليوم، فسيجلب للعالم دماراً مظلماً، لكن إذا نظرنا بإيجابية إلى الحياة الاجتماعية والدينية للناس، وتمنّينا الخير للبشرية، وبفكر صادق سعينا لإبعاد تنظيم داعش وسائر الجماعات الظلامية المماثلة له عن هذا العالم، فسيصبح العالم أجمل وأكثر هدوءاً، وعالم بلا داعش سيكون حقاً عالماً أكثر سلماً واستقراراً.

في فكر داعش، الرعب والإرهاب مبدأ أساسي، ويستمدّ وجوده من هذا المبدأ.

أما عالم بلا داعش، فهو العالم الذي ينشده دعاة السلام ومحبو الاستقرار، لأنه عالم خالٍ من الرعب الذي يُفرض على الناس دون قيد أو شرط أو استثناء.

في عالم بلا داعش، ينال المجرم جزاءه العادل، ويُحفظ المظلوم ومن وقع عليه الظلم من كلّ عقاب، ولن يحترق الأخضر واليابس معاً، بل يُباد من يستحق الإبادة، ويُمنح الحياة والسعادة من يستحق الحياة، ليعيش الناس حياتهم في أمن وجمال وفرح.

في عالم بلا داعش، ستعود لغة الحوار إلى الميدان، وستُدار الصراعات وفقاً للأصول الدينية، والمبادئ الإنسانية، والتعليم الصحيح.

أما في ظلّ وجود داعش، فلن يكون هناك أحد في مأمن، ولا فكر أو عقيدة ستبقى محصّنة من الاعتداء، ولا إنسان سيبقى آمناً بصفته إنساناً.

وفي عالم تحكمه جماعة داعش وعقيدتها الظلامية، لن يكون للإنسانية وجود حقيقي، لأنّ فكرة التمييز العرقي والتفوّق على الآخرين متجذّرة في عقيدتهم، وطالما أنّ هذه الفكرة راسخة في عقولهم، فلن يتغيّر منظورهم تجاه الإنسان، ولا موقفهم من كرامة البشرية.

العالم بعد داعش سيمضي قدماً بخطى ثابتة وإيجابية، وفي عالم بلا داعش، ستختفي الممارسات الظالمة مثل القصاص دون محاكمة، والرعب العام، وإهانة الإنسان، وتجاهل كرامته.

وسنسلّط الضوء على هذه القضايا بمزيد من التفصيل في النقاشات القادمة، ونطرح تحليلات وآراء متنوعة بشأنها.

Exit mobile version