داعش الخوارج؛ سلاح غربي جديد ضد الإسلام! الجزء الواحد والعشرون   

إحسان عرب

تخريب مكانة العلماء والمراكز الدينية

منذ فجر شمس الإسلام وحتى اليوم، لعبت المدارس الدينية والعلماء دورًا أساسيًا في حفظ هوية الأمة الإسلامية، ونقل العلوم الشرعية، والتصدي للغزو الفكري، وتوجيه المجتمعات الإسلامية.

فهذه المؤسسات هي الدعائم الثقافية والعقدية التي نشأت من صلب الأمة، والتي عرّفت الناس بالقرآن والسنة والأخلاق والفقه.

لكن في السنوات الأخيرة، تعرّض هذا الكنز العظيم لهجمات شرسة، ليس مباشرة من الأعداء الخارجيين، بل من داخل الأمة نفسها، عبر سلاح قاتل يدعى “داعش”.

لقد استغل خوارج داعش المشاعر الدينية، والأدبيات الجهادية، والمفاهيم الإسلامية النبيلة بشكل خبيث، فقدموا أنفسهم على أنهم “ممثلو الإسلام”، وأعلنوا “خلافة مزيفة”، ورفعوا شعار “تطبيق الشريعة”، وتحدثوا عن السنة النبوية، فصوّروا أنفسهم كأنهم امتداد لطريق النبي ﷺ، بينما لم يكن في مسلكهم أي تشابه أو انسجام مع روح الإسلام أو سيرة المصطفى ﷺ.

 

ولا شك أن من أكبر الكوارث التي تسببت بها ظاهرة داعش الخبيثة، هو وقوع بعض طلاب العلم الشرعي، خصوصًا الشباب الجاهل، في شباك هذه الشعارات المزيفة، فانخدعوا بدعواتهم للجهاد، والهجرة، ونصرة الدين، والدفاع عن “الخلافة”، من دون فهم حقيقي لمضمون هذه المفاهيم أو لحقيقة هذا التيار السامّ.

 

وكان من نتائج ذلك أن استغل أعداء الإسلام هذا الوضع المشوّه، وبواسطة آلة الإعلام الضخمة، قدّموا المدارس الدينية كمراكز لتفريخ الخوارج، ما شكل ضربة قاسية لمكانة هذه المؤسسات التربوية، وجعل كثيرًا من المسلمين يسيئون الظن بها.

 

وقد تسببت هذه الظاهرة بنتائج مدمرة، نذكر منها باختصار:

1. ازدياد الشك والريبة تجاه طلاب العلم والمدارس الدينية في بعض المجتمعات الإسلامية، خصوصًا تجاه الشباب الذين بدؤوا للتو طريق التعلم الشرعي، وصار الناس ينظرون إليهم بعين الريبة.

2. دفع أصحاب العداء العميق للإسلام إلى المطالبة بفرض رقابة مشددة على نشاطات المدارس الدينية، والسعي لتقليص دورها، ورفع الأصوات ضدها.

3. إحداث شرخ عميق بين العلماء، وطلاب المدارس الدينية، وباقي طبقات المجتمع، بسبب ربط بعضهم بين هذه المدارس وداعش، وهو ما شكل ضربة قاسية للجانب الروحي والمعنوي للمجتمع.

4. دفع عدد من الشباب إلى الهروب من التعلم الشرعي بسبب تشويه صورة المدارس، وانجرافهم نحو الفكر العلماني الباطل، مما أدى إلى تراجع الالتزام بالشعائر الإسلامية.

خاتمة:

لقد استغل أعداء الإسلام ممارسات داعش اللاإسلامية للإضرار بالأمة، ليس فقط في الميادين السياسية والعسكرية، بل ضربوا الثقة بالعلماء والمدارس الدينية، ووجهوا سهامهم إلى روح الأمة وثقافتها، مستخدمين “داعش” كسلاحٍ فتاك ضد الإسلام من داخله.

Exit mobile version