حرب الإمارة الإسلامية ضد دواعش الخوارج وما هي الأيديولوجية التي تقف وراءها!

عبدان صافي

منذ أن أقرّ مجلس النواب الأمريكي قراراً يقضي بوقف المساعدات لأفغانستان، بدأت بعض وسائل الإعلام والمحللين ذوي المصالح الخاصة بنشر شائعات مفادها أن هذا القرار قد يؤثر على جهود الإمارة الإسلامية في محاربة تنظيم داعش، إلا أن هذه الآراء سواء كانت ناتجة عن جهل أو مدفوعة بأهداف سياسية خاصة، فإنها لا تمتّ للحقيقة بصلة، بل هي مجرد دعاية مضللة تهدف إلى صرف الأنظار عن واقع الأمن والاستقرار الذي تعيشه أفغانستان حالياً، والثقة الكاملة التي يوليها الشعب للحكومة القائمة.

إن الإمارة الإسلامية في أفغانستان حركة شعبية إسلامية نشأت من تجارب مريرة عبر التاريخ، وقدّمت تضحيات على مدى عشرين عاماً لإنهاء الاحتلال والاقتتال، وتحقيق النظام الإسلامي، وعلى النقيض من ذلك، فإن “داعش” فتنة تكفيرية متطرفة وافدة، تم نقلها إلى أفغانستان بفعل مؤامرات أجهزة استخبارات، بعد الحروب في العراق وسوريا، حيث سعت إلى إشعال نار الفتنة والفساد في البلاد.

تعتبر الإمارة الإسلامية في أفغانستان تنظيم داعش جماعة دخيلة لا تمتّ للإسلام بصلة، ولا تملك أي شرعية دينية، ولا تحظى بأي دعم شرعي، ولا اعتراف من الأمة الإسلامية، بل إنها حركة فتنة مزّقت وحدة الأمة، وأطلقت فتاوى التكفير على المسلمين، وارتكبت مجازر بحق العلماء، والمسلمين الأبرياء، وحتى الأطفال، واستغلت الاسلام لتمرير أفكارها الهدامة. وترى الإمارة الإسلامية أن الحرب ضد داعش ليست فقط ضرورة أمنية، بل هي فريضة شرعية، ومسؤولية عظيمة، وهي قضية مصيرية تتعلق ببقاء الأمة، والهدف من هذه الحرب هو القضاء على الفكر الخارجي المتطرف الذي لا يعترف بالوحدة والمصالحة، ولا يوقّر العلماء، ولا يُعلي من شأن مصالح الأمة.

ليست هذه الحرب من أجل الحصول على دعم مالي، بل هي حرب لحماية طهارة الدين، وصون حرمة دماء الشهداء الأبرار، إنها حرب تُخاض لطلب رضا الله جل جلاله، لا لرضا واشنطن أو أي جهة خارجية أخرى.

في السنوات الأخيرة، خاضت إمارة أفغانستان الإسلامية معارك شرسة وغير مسبوقة ضد تنظيم داعش، وذلك في ظروف صعبة، حيث لم تكن تمتلك حكومة رسمية، ولا ميزانية، ولا وضعاً قانونياً، ولا أي دعم خارجي، ومع ذلك، تمكنت من اقتلاع جذور الفتنة الداعشية من ننغرهار إلى زابل. لم تكن هذه المعركة مقتصرة على استخدام القوة العسكرية فقط، بل تم تنفيذها بدعم شعبي، وتوجيه علماء الدين، وإيمان راسخ بعقيدتها. بالنسبة للإمارة الإسلامية، فإن الحرب ضد داعش هي مسؤولية إسلامية، شرعية، وطنية وأخلاقية، وليست نتيجة لأي ضغط خارجي أو تحفيز أو إغراءات.

من ناحية أخرى، فإن الادعاء بأن قطع المساعدات الأمريكية سيؤثر على جهود إمارة أفغانستان الإسلامية ضد داعش هو ادعاء خاطئ في جوهره؛ لأن هذه الحرب بدأت منذ وقت طويل عندما كان الجيش الأمريكي موجوداً في أفغانستان، ومع ذلك، استمرت الإمارة الإسلامية في مقاومة داعش، بل في بعض الأحيان، ظهرت صور تُظهر أن الطائرات الأمريكية كانت تنقل مقاتلي داعش من مناطق القتال أو تزودهم بالأسلحة والموارد، حتى أن هناك أدلة تشير إلى أن داعش كان يمتلك تقنيات وأسلحة معينة كانت تُعتبر ملكاً لقوات العمليات الخاصة الأمريكية.

لذلك، الحقيقة واضحة تماماً، وهي أن حرب إمارة أفغانستان الإسلامية ضد داعش تقوم على أساس مواردها الخاصة، وشبكة الاستخبارات، والعزيمة الفكرية، والدعم الشعبي، ولا تعتمد على أي مساعدات خارجية.

إضافة إلى ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن الشعب الأفغاني يكنّ كراهية شديدة لتنظيم داعش، فكل فئات المجتمع الأفغاني، من العامة إلى العلماء، ومن شيوخ القبائل إلى الشباب، جميعهم يرفضون داعش بشدة، ففكر داعش يُعتبر فكراً غريباً، وغير مرغوب فيه، ودموياً بالنسبة للشعب الأفغاني، وإن الإمارة الإسلامية هي نفسها تجسيد لإرادة الشعب الأفغاني وقيادته، ولذلك فإن هذه الحرب مستمرة بدعم وتأييد الشعب، وليس من خلال حسابات مصرفية خارجية.

وبناءً عليه، إذا قرر الولايات المتحدة قطع المساعدات، فهو قرار سياسي، ولكن هذا لن يؤثر على موقف الإمارة الإسلامية، ولا على إرادة الشعب، ولا على عزمها الجهادي، بل على العكس، سيعزز هذا القرار من استقلالية الإمارة الإسلامية، ويقوي النظام القائم الذي يعتمد على الاستقرار والدعم الوطني.

يجب أن يكون واضحًا أن الحرب بين الإمارة الإسلامية وتنظيم داعش هي حرب إيمانية، حرب بقاء، حرب لحماية وحدة الأمة وحفظ عقائد الأمة الإسلامية ومفاهيمها. هذه الحرب ليست من أجل المساعدات المالية، ولا من أجل الشهرة، ولا من أجل أي وضع سياسي؛ بل هي معركة مقدسة بين دعاة “لا إله إلا الله” و”الخوارج”، وهي مستمرة حتى يتم القضاء على الفتنة، ويُصبح الدين لله وحده.

Exit mobile version