باكستان؛ ملاذٌ آمنٌ لداعش، ومركز تدريبٍ وصناعةِ المؤامرات!

خالد جانان.

استناداً إلى تقارير استخباراتية دولية متعددة، ومصادر إقليمية، ومعلومات موثّقة؛ فإنّ تنظيم داعش الذي يطلق على نفسه اسم “الدولة الإسلامية”، وبعد العمليات الواسعة والدقيقة التي نفّذها ضده إمارة أفغانستان الإسلامية، قد فرّ من أفغانستان، وحوّل الأراضي الباكستانية إلى ملاذٍ آمن، ومركزٍ تنظيمي، وغرفة عمليات للمؤامرات.

ففي باكستان، لا يتم فقط تمويل عناصر داعش وتدريبهم وتوفير الوسائل الإعلامية لهم، بل تُخطَّط لهم المهام القتالية أيضاً، ثم يُرسَلون لزعزعة الأمن ونشر الفتنة والتخريب في دول الجوار ودول الإقليم. وهذه الممارسات لا تهدّد الأمن القومي لجيران باكستان فحسب، بل تُعدّ خطراً كبيراً على استقرار المنطقة كلها، وخصوصاً آسيا الوسطى وجنوب آسيا.

إنّ هذا التعاون الواضح أو الخفي من جانب الأجهزة الأمنية الباكستانية مع داعش، يُثبت بما لا يدع مجالاً للشك سياسة باكستان المزدوجة. وإذا لم تتعامل المجتمع الدولي مع هذا الملف بجدّية، ولم تُلزم باكستان بتحمّل مسؤولياتها، فإنّ هذا الحريق سيطال جميع دول المنطقة.

مقتل برهان زيد: دليل مُوثّق على وجود داعش داخل الأراضي الباكستانية
تشير تقارير المرصد، المستندة إلى مصادر أمنية موثوقة، إلى أنّ مسؤولاً رفيعاً في داعش يُدعى برهان، والمعروف في صفوف الخوارج باسم زيد، قد قُتل برصاص مسلحين مجهولين في منطقة قصور بإقليم البنجاب الباكستاني. وكان برهان أحد عناصر الهيكل التنظيمي المهمّ لدى داعش، ويُشرف من داخل باكستان على التنسيق والتمويل ودعم شبكة الخوارج. ووجوده في تلك المنطقة يشكّل دليلاً واضحاً على أنّ الأراضي الباكستانية تُستغل بشكل واسع لأنشطة داعش السرّية.

وبعد مقتله، حاولت المؤسسات الباكستانية نفي أي علاقة له بداعش، إلا أنّ وكالة المرصاد نشرت صورة مشتركة تجمعه بالقائد الداعشي الباكستاني المعروف عمر باجوري. وهذا الأخير هو نفسه الذي قُتل في 20 أكتوبر 2024 في مديرية ماڼوګي بولاية كونار خلال عملية نفّذتها قوات الأمن التابعة لإمارة أفغانستان الإسلامية ضد عناصر داعش.

وتُعتبر الصورة ـ التي حصلت عليها المرصاد من مصدر أمني موثوق ـ دليلاً ساطعاً على الروابط والتنسيق المشترك بين شبكات داعش الباكستانية، وتكشف زيف الادعاءات التي تروّجها باكستان حول عدم وجود هذا التنظيم على أراضيها.

اعترافات الدواعش الأسرى تكشف المزيد
إضافة إلى ذلك، فقد ألقت الأجهزة الأمنية التابعة لإمارة أفغانستان الإسلامية القبض على عدد من عناصر داعش الباكستانيين أحياء. وقد قدّم هؤلاء معلومات واسعة حول بنية التنظيم ومهامه ومراكزه، واعترفوا بأنهم تلقّوا التمويل والتجهيز والتدريب من الاستخبارات الباكستانية. وتُعدّ هذه الاعترافات امتداداً لسلسلة الأدلة التي تؤكّد دعم باكستان لداعش في عملياته التخريبية داخل أفغانستان وفي عموم المنطقة.

وفي الوقت الذي يتلقى فيه تنظيم داعش ضربات موجعة داخل أفغانستان على يد الإمارة الإسلامية، تعمل باكستان على توفير الأرضية لإعادة تجميع خلايا التنظيم واستعادته نشاطه. وقد باتت المنظمات الدولية، والأمم المتحدة، ودول الجوار، ومحللو المنطقة يدركون أنّ الأراضي الباكستانية تحوّلت إلى مركز نشاط ولجوء وتخطيط لداعش.

لقد آن الأوان للمجتمع الدولي أن يطالب باكستان بالقضاء الكامل على هذه المجموعة، وأن يُحمّلها مسؤولية سياساتها المزدوجة. وإذا لم يحدث ذلك، فإنّ العالم قد يجد نفسه مرة أخرى أمام مأساة دامية لا يمكن تعويضها.

Exit mobile version