‏الرباط على الحدود شرف عظيم وأمانة ثقيلة!

حسان مجاهد

الأفغان محظوظون بأن الله سبحانه وتعالى قد أخرجهم في كل زمان إلى ميادين الجهاد ضد المعتدين بأشكال متعددة، وقد أذلّ كل غاصب بقدرتهم وقوتهم.

وحتى الآن، ظلّ الأفغان في الخنادق من أجل صد العدوان وإرساء النظام الإسلامي؛ والآن يحمون الأوطان الإسلامية وحدودها ومدّياتها من الغزوات الأجنبية — وهذا العمل يسمّى «رباطًا» وقد وردت في الإسلام فضيلة خاصة للرباط. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوم في سبيل الله أحب إليّ من الدنيا وما فيها». (صحيح البخاري)

وفي رواية في صحيح مسلم: «يوم وليلة في الرباط خير من شهر صيام وقيام. إن مات المجاهد في الرباط فعمله مستمرّ، وإن بقي حيًا رزقُه مستمرّ، ويُنجّي من الفتن وعذاب القبر».

و يقول الإمام النووي رحمه الله: إن استمرارية العمل بعد الموت هي خصوصية المجاهد الراهب (المرابط)، لا يشترك معه فيها أحد. وعند الحديث عن صحيح مسلم، أضاف النووي في الهامش أن في غير هذا الكتاب أيضًا نصوصًا واضحة تفيد أن أعمال الإنسان تُختم عند موته، إلا عمل المرابط المجاهد الذي يبقى جاريًا بعد موته.

وأبو عزّام العراقي كتب في وصية للمجاهدين: «الرباط في سبيل الله أفضل من الملاصقة للكعبة ولبيت المقدس». وروى أن ابن عباس قال إن أبو هريرة رضي الله عنه قال: «ليلة في الرباط أحب إليّ من قيام الليل بجوار الحجر الأسود». فانظروا! لقد فضّل أبو هريرة — رضي الله عنه — ليلةً في الرباط على أفضل المواضع في العبادة.

والآن، بينما جنود الإمارة الإسلامية يحمون الحدود والحدود السياسية، فهم إلى جانب استحقاقهم للفضل المشار إليه أعلاه، يتحمَّلون مسؤولية عظيمة. فهم يسيطرون على نقاط حساسة في البلاد تتعرّض للهجوم أولًا؛ ولهذا عليهم أن يتعاملوا مع عملهم بجدّية وحرص؛ فهم يدافعون على حدود البلد نيابةً عن نظامٍ إسلاميٍّ فريدٍ وأمّةٍ شريفة، وليسوا كقواتٍ عسكريةٍ تحمي أنظمة طاغية.

ومن اللازم أن يتحلّوا بثبات ومراقبة تامّة، وأن يعتبروا عملهم فرضًا خاصًا ومسؤولية شخصية على غرار الجهاد العملي السابق، لأن أي تقصيرٍ منهم قد يعرّض البلاد إلى مخاطر جسيمة. وبالمقابل، فإن يقظتهم وثباتهم سيحققان المنافع للنظام وسيحصنان البلاد من الأخطار.

Exit mobile version