الهجوم على قطار جعفر إكسبريس في بلوشستان؛ ما هي رسالته؟

عبدان صافي

الهجوم على قطار جعفر إكسبريس في بلوشستان أعاد التأكيد للعالم أن هذه المنطقة لا تزال ضحية للسياسات الخاطئة لباكستان. لم يكن هذا الهجوم مجرد مثال آخر على ضعف الأجهزة الأمنية الباكستانية، بل كان أيضًا رسالة واضحة من المقاومة البلوشية لا يمكن لأي دعاية حكومية أن تخفيها. هذه الحادثة يجب أن تكون درسًا لمن لا يزال يتجاهل حقيقة الأوضاع في بلوشستان.

بلوخستان ومعاناة طويلة من التهميش

تعاني بلوشستان منذ عقود من التهميش الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي تمارسه الحكومة الباكستانية ضد سكانها، ومن بين أبرز أسباب هذا الاستياء:

1. الاستغلال الاقتصادي:

رغم أن بلوشستان تعدّ أغنى أقاليم باكستان بالثروات الطبيعية، إلا أن هذه الموارد تُستغل لصالح الحكومة المركزية والأقاليم الأخرى، بينما يظل السكان المحليون محرومين من أبسط الخدمات الأساسية.

2. الاختفاء القسري:

تستمر عمليات الاختفاء القسري للنشطاء البلوش والطلاب والمواطنين العاديين، مما أثار قلق المنظمات الدولية التي أعربت عن مخاوفها إزاء هذه الانتهاكات.

3. العمليات العسكرية القمعية:

تشنّ القوات الباكستانية باستمرار عمليات عسكرية ضد البلوش، تتضمن القصف الوحشي وقتل المدنيين، مما دفع الكثيرين إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم.

4. غياب الحلول السياسية:

بدلاً من الحوار مع القادة البلوش، تلجأ الحكومة إلى القمع العسكري، مما زاد من تعقيد الأزمة بدلاً من حلها.

فشل الأجهزة الأمنية الباكستانية!

تدّعي الأجهزة الأمنية الباكستانية أنها تمتلك واحدة من أقوى شبكات الاستخبارات في العالم، ولكن لماذا تتكرر هذه الهجمات مرارًا؟ الحقيقة أن هذه الأجهزة لا تركز على تحقيق الأمن الحقيقي، بل تنشغل بالصراعات الداخلية، والصراع على السلطة، وقمع المعارضين. لقد شهد تاريخ باكستان العديد من الهجمات والفشل الأمني، ومن أبرز الأمثلة:

انفصال بنغلاديش عام 1971 رغم وجود الجيش الباكستاني هناك.

الهزيمة الاستراتيجية لباكستان في حرب كارجيل بسبب سوء التخطيط العسكري.

الهجمات على القيادة العسكرية (GHQ)، ومطار جناح، وقاعدة مهران العسكرية، والتي كشفت جميعها عن إخفاقات استخباراتية واضحة.

وفي كل مرة يحدث مثل هذا الهجوم، تسارع السلطات الباكستانية إلى اتهام “جهات خارجية”، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كانت هذه القوى الخارجية بهذا التأثير الكبير، فمن المسؤول عن منعها؟

الدعاية الحكومية ومحاولة التهرب من المسؤولية

كما هو متوقع، تحاول وسائل الإعلام الباكستانية الترويج لاتهامات ضد دول الجوار بشأن الهجوم على قطار جعفر إكسبريس، لكن الحقيقة أن هذه الحادثة تمثل انتفاضة داخلية ناجمة عن السياسات الخاطئة للدولة. بدلاً من إلقاء اللوم على الآخرين، يجب على الحكومة البحث عن حلول جذرية لإنهاء الأزمة.

إذا لم تتغير سياسات باكستان، فإن الأوضاع ستزداد سوءًا. يحمل الهجوم على جعفر إكسبريس رسالة واضحة: إذا لم تستجب الحكومة لمطالب الشعب البلوشي، فإن التصعيد سيستمر.

ما الذي يجب على الحكومة فعله؟

1. وقف العمليات العسكرية في بلوشستان.

2. إنهاء حالات الاختفاء القسري وجرائم القتل خارج نطاق القانون.

3. بدء حوار سياسي شامل مع القادة البلوش.

4. توفير حقوق اقتصادية وسياسية واجتماعية متساوية لسكان بلوشستان.

5. احترام حقوق الإنسان وفق القوانين الدولية.

قد يكون هجوم جعفر إكسبريس مجرد بداية، وإذا لم تدرك الحكومة الحقائق، فإن مثل هذه الهجمات ستتزايد. نحن الآن أمام لحظة حاسمة، حيث لم يعد هناك وقت لإلقاء الاتهامات، بل يجب تنفيذ إصلاحات حقيقية.

إذا لم تتعلم باكستان من دروس التاريخ، فقد تكون هذه السياسات الفاشلة مقدمة لخطر أكبر يهدد مستقبلها. الحكومة الباكستانية اعتادت دائمًا على تحميل الآخرين مسؤولية فشلها، لكن الحقيقة واضحة: أزمة بلوشستان هي نتيجة مباشرة للسياسات القمعية للدولة.

إذا كانت الحكومة جادة في تحقيق الاستقرار، فعليها أن تتخلى عن الحلول العسكرية وتمنح الأولوية للعدالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وإلا، فإن التاريخ سيظل يطرح السؤال نفسه: “من المسؤول عن هذا الفشل؟”

Exit mobile version