القدس: قلب الأمة الجريح! الجزء الأول

أبو هاجر الكردي

#image_title

يُعد المسجد الأقصى أحد الأماكن المقدسة والمهمة والمثيرة للجدل في العالم، وقد حافظ على مكانة خاصة عبر التاريخ. هذا المسجد له أهمية عظيمة للمسلمين، حيث إنه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

في ليلة الإسراء، نُقل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى هذا المسجد، حيث عُقد أعظم تجمع في تاريخ البشرية هناك. في هذا الاجتماع، قبل جميع الأنبياء عليهم السلام إمامة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأدوا الصلاة خلفه. يُذكر اسم المسجد الأقصى إلى جانب المسجد الحرام والمسجد النبوي كأحد المساجد التي تتمتع بفضل عظيم.

بحسب الروايات، وضع النبي داود عليه السلام أساس هذا المسجد، وأكمله النبي سليمان عليه السلام. بعد هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، صلى لمدة سبعة عشر شهرًا تجاه المسجد الأقصى، كما أن واقعة المعراج العظيمة بدأت من هذا المكان.

كلمة “الأقصى” تعني في اللغة “الأبعد” أو “الأقصى” أو “النهاية”، وسُمي كذلك لبُعده عن المسجد الحرام.

المقدمة

منذ حوالي ستين عامًا، يعاني المسلمون والشعب الفلسطيني من العديد من الأزمات والمآسي. فقد شُرد الآلاف، وقتل الكثيرون، وزُجّ بآخرين في السجون. أصبحت النساء أرامل، والأطفال أيتامًا، وهُدمت البيوت والمزارع.

المسجد الأقصى، الذي هو أولى القبلتين وثالث الحرمين، أصبح الآن تحت سيطرة المحتلين الصهاينة. أيادي هؤلاء الظالمين ملطخة بدماء الأبرياء، وما زالوا يمارسون الظلم والاغتصاب دون توقف.

من جهة أخرى، تقدم الدول الغربية والأوروبية الدعم لهم بالأسلحة المتطورة والمساعدات المليارية. وإذا تأملنا في الواقع، فإن هذا الاحتلال هو نتيجة أعمال المسلمين أنفسهم، حيث نسوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وابتعدوا عن الإسلام وانغمسوا في الدنيا.

قادة المسلمين يعتمدون على دعم الكفار ويمدون أيديهم للتوسل إليهم، بينما الفرقة والنزاعات بينهم أصبحت أمرًا شائعًا، رغم أن الله سبحانه وتعالى حذر من ذلك بشدة:
[وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ].(الأنفال: 46)

الحل

الحل الوحيد للمسلمين هو العودة الصادقة إلى الإسلام، والندم على أعمالهم السيئة والتوبة منها. يجب عليهم الامتناع عن تقليد الكفار واتباع تعاليم الإسلام.

الله سبحانه وتعالى يريد مؤمنين حقيقيين يشبهون الفاتح الأول للقدس، الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي فتح هذه الأرض المقدسة دون سفك دماء. يقول الله تعالى:
[وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ]. (آل عمران: 139)

نأمل أن يأتي اليوم الذي يستعيد فيه المسلمون عزتهم ووحدتهم المفقودة، بإذن الله.

أهمية المسجد الأقصى

للمسجد الأقصى مكانة خاصة وعظيمة في الإسلام، حيث إنه ثاني مسجد بُني على الأرض بعد الكعبة. قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم:
[إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ].(آل عمران: 96)

يروي الصحابي الجليل أبو ذر رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا رسول الله! أي مسجد بُني على الأرض أولًا؟
قال: “المسجد الحرام.”
قلت: ثم أي؟
قال: “المسجد الأقصى.”
قلت: كم كان بينهما؟
قال: “أربعون سنة.” (رواه البخاري)

وبحسب الروايات، فإن النبي آدم عليه السلام هو الذي أسس المسجد الحرام والمسجد الأقصى. وبعد أن دُمر المسجد الحرام في زمن النبي نوح عليه السلام، أُمر النبي إبراهيم عليه السلام بإعادة بنائه.

وبالمثل، أُعيد بناء المسجد الأقصى في زمن النبي سليمان عليه السلام. هذا المكان أيضًا هو موقع دفن العديد من الأنبياء عليهم السلام.

يتبع…

ابو صارم
Exit mobile version