ظهرت عدة حكومات في آسيا الصغرى، ومن بينها الدولة السلجوقية التي امتدت إمبراطوريتها إلى تلك المناطق، وكان سلطانها في الفترة مابین (٤٥٥ – ٤٦٥هـ / ١٠٦٣ – ١٠٧٢م) هو السلطان ألب أرسلان، الذي كان قائداً شجاعاً.
في سنة (٤٦٣هـ / ١٠٧١م)، ألحق الهزيمة بالإمبراطور الرومي (ديمونوس) في معركة “ملاذكرد”، وهي المعركة التي هزّت أركان القسطنطينية، حيث أُسر الإمبراطور الرومي بنفسه، ثم أُطلق سراحه لاحقاً بشرط أن يدفع الجزية السنوية للسلطان السلجوقي، وتعكس هذه الحادثة خضوعَ مناطق كثيرة من الإمبراطورية الرومانية للدولة السلجوقية الإسلامية.
وبعد ضعف الدولة السلجوقية العظمى، ظهرت عدة دول سلجوقية، ومن أشهرها آنذاك “سلاجقة الروم”، الذين حكموا مناطق في آسيا الصغرى، ووسعوا حدودهم غرباً حتى سواحل بحر “ريجه”، وكانت الإمبراطورية الرومانية عاجزة أمامهم.
وفي القرن الثامن الهجري، الموافق للقرن الرابع عشر الميلادي، حلّ العثمانيون محل سلاجقة الروم، وبدأوا مجدداً محاولاتهم لفتح القسطنطينية.
بدأت هذه المحاولات عندما حاصر السلطان بايزيد، المعروف بلقب “الصاعقة”، القسطنطينية حصاراً شديداً سنة (٧٩٦هـ / ١٣٩٣م).
وقد شدد السلطان الحصار إلى حد أنه، أثناء المفاوضات مع الإمبراطورية البيزنطية، طالبهم بتسليم المدينة للمسلمين، لكن البيزنطيين كانوا يماطلون ويتذرعون بأعذار شتى، ويأملون في جلب المساعدة من أوروبا لطرد الجيوش الإسلامية.
وكان من الممكن أن تُفتح القسطنطينية على يد بايزيد، لولا غزو المغول بقيادة تيمورلنك (تيمور الأعرج) للأراضي العثمانية، وانتشار الفتنة والاضطراب فيها، فاضطر إلى فك الحصار والتوجه بجيشه لقتال المغول، وكان السلطان بايزيد يقود الجيش بنفسه، ودارت بين الجيشين الإسلاميَين معركة شرسة في منطقة أنقرة، انتهت بهزيمة جيش بايزيد وأسره على يد تيمور، حيث تُوفي في الأسر سنة (١٤٠٢م).
بهذه الهزيمة، دخلت الدولة العثمانية في حالة من الفوضى والانقسام، وتأجّل مشروع فتح القسطنطينية إلى حين. ثم بعد أن استعاد العثمانيون قوتهم، بدأوا من جديد في الجهاد، وفي عهد السلطان مراد الثاني (٨٢٤ – ٨٦٣هـ / ١٤٢١ – ١٤٥٩م) جددوا محاولاتهم لفتح القسطنطينية.
خلال هذه الفترة، فرض العثمانيون الحصار على المدينة عدة مرات، لكن الإمبراطور البيزنطي سعى إلى إثارة الفتن والفساد داخل صفوف العثمانيين، وكان مشغولاً بطلب الدعم من الجيوش الأجنبية ضد السلطان. نجح الإمبراطور في إشغال السلطان العثماني وصرفه عن هدفه، ولم تتحقق رغبة العثمانيين في فتح المدينة إلا في عهد السلطان محمد الفاتح، ابن السلطان بايزيد.