لمحة عن حياة وأعمال الشهيد المحامي محمد رستم (بلال كلنجاري) تقبله الله

#image_title

أفغانستان أرض الأبطال والأسود ومقبرة الإمبراطوريات و الغزاة. دائماً ما احتضنت أفغانستان في أحضانها المقاتلين والأبطال الذين ضحوا بحياتهم في مواجهة الغزاة و المحتلين، ومن بين هؤلاء الشهيد المحامي محمد رستم بلال كلنجاري.

 

وُلد الشهيد محمد رستم، ابن محمد طاهر وحفيد مولوي عصمت الله، في عام 1365 هجري شمسي في قرية كلنجار التابعة لمركز ولاية لوجر، في عائلة مجاهدة و متدينة.

 

نال الشهيد محمد رستم من الله جل جلاله ذكاءً وفطنة خاصة، مما جعله يحظى بشعبية وشهرة كبيرة بين الناس في منطقته خلال شبابه.

 

في عام 1373 هجري شمسي، بدأ الشهيد بلال بدراسة العلوم الدينية بجانب التحاقه بالمدرسة، وتخرج في عام 1385 هجري شمسي من مدرسة كلنجار الجهادية. وفي عام 1386 هجري شمسي التحق بمعهد أفغان كوريا وتخرج منه في عام 1388 هجري شمسي. كان يحب العلوم العصرية، وفي عام 1389 هجري شمسي اتخذ خطوة أخرى في مجال العلم، حيث تخرج في عام 1393 هجري شمسي من كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الدعوة برتبة هيئة تدريسية. كما شارك في العديد من الجمعيات والندوات العلمية والثقافية.

 

بالرغم من انشغاله بالعلوم الدينية والعصرية، كان لديه حب وشغف كبير بالجهاد والمجاهدين في سبيل الله جل جلاله. في عام 1387 هجري شمسي، انضم تحت قيادة الشهيد مولوي محمد الله فاروقي إلى صف الجهاد المقدس وبدأ القتال ضد الغزاة و المحتلين.

 

خلال فترة الجهاد، ترك خلفه إنجازات ستظل مصدر فخر للأجيال القادمة.

 

كان بلال شهيدًا متعطشًا للاستشهاد، و دائمًا ما كان يدعو الله تعالى لينال الشهادة.

 

حدثنا أحد زملائه عن موقفه قائلاً:

كانت منتصف الليل وكنا في انتظار قافلة الدبابات الأمريكية، وكان بلال الشهيد بجواري، وفجأة بدأ يبكي، فقلنا له: لماذا تبكي؟ فأجاب: أبكي من أجل الله سبحانه وتعالى وأدعو الله جل جلاله للشهادة.

 

اختار الشهيد محمد رستم بلال حياة مليئة بالخوف والخطر، حيث كان احتمال الموت والشهادة حاضراً في كل لحظة، بدلاً من حياة هادئة ومريحة مع أسرته.

 

في عام 1392 هجري شمسي، تم القبض على بلال الشهيد مع اثنين من رفاقه في غارة ليلية من قبل الأمريكيين وتم نقله إلى السجن. بالرغم من معاناته من الصعوبات والتعذيب والآلام في السجن، استمر في الجهاد في سبيل الله جل جلاله وكان دائمًا ما يدعو للشهادة.

 

يخبرنا أحد رفاقه عن موقف آخر:

عندما جاء الإشعار بأن قافلة الجنود الأمريكيين متجهة من كابل إلى لوجر، كان بلال الشهيد أول من نهض بثقة كاملة ليتخذ موقعه في الكمين. تحركنا نحو طريق قرية علي خان بالقرب من مركز لوجر، وبعد القتال والنصر التام والخسائر المادية والبشرية التي ألحقت بالعدو، شكرنا الله جل جلاله، ولكن بلال الشهيد بدأت دموعه تنهمر وبكى. فسألته: لقد انتصرنا، والحمد لله العدو تلقى هزيمة قاسية، فلماذا تبكي؟ أجاب بلال الشهيد: عندما نظمنا الأمور في المركز، دعوت الله جل جلاله أن يمنحني الشهادة اليوم، لكن لم أجدها، لا أعلم لماذا لا أستشهد؟ ما ذنبي الذي يمنعني الله تعالى من الشهادة؟ فبكينا جميعاً على كلامه.

 

كان الشهيد بلال كلنجاري شخصية مستقرة أظهر الشجاعة و البسالة في ميدان الجهاد والقتال و ألحق خسائر بالعدو.

 

في عام 1394 هجري شمسي، بناءً على أمر قائده الشهيد مولوي محمد الله فاروقي، تم تعيين بلال الشهيد قائداً للسرية الحمراء وتم إرساله إلى ننجرهار لمحاربة جماعة الخوارج الفتنة/داعش. أظهر بلال الشهيد شجاعة و بسالة في القتال ضد الخوارج، و ألحق بهم خسائر مادية وبشرية، وطهر عدة مناطق من وجودهم و أنقذ الناس من تعذيبهم و وحشيتهم.

 

بعد مرور شهر ونصف، أصيب بلال الشهيد بمرض شديد، ويقول أحد رفاقه: في يوم واحد تلقى خمس عشرة حقنة حتى تحسن قليلاً.

 

بلال الشهيد، الذي كان متعطشًا للشهادة، قام بالتسجيل مرة أخرى في السرية الحمراء وذهب مرة أخرى إلى ننجرهار. كان بلال الشهيد يحب رفاقه ومجموعته كثيرًا، وذكر أن كل رفيق كان يتولى الحراسة مرتين في الليلة، وإذا قام رفيق بالحراسة مرة واحدة، كان بلال الشهيد يتولى الحراسة للمرة الثانية.

 

أحد رفاقه، الذي لا يزال على قيد الحياة، يروي عن يوم استشهاد بلال الشهيد:

خرج لأداء صلاة الفجر وعندما عاد قال إن داعش شنت هجومًا، فأخذ سلاحه وشارك في القتال.

 

كما ذكر: أن أهل المنطقة اعتبروا هذه المعركة ثاني أكبر معركة في زمن الحروب، الأولى كانت أثناء هجوم الروس والثانية هي معركة اليوم، التي بدأت في الساعة الرابعة صباحاً وانتهت بعد عشرة أيام.

 

كان بلال الشهيد يستخدم البكا و يصيح على قائده قائلاً: إن شاء الله حتى الآن قتلت الكثير. لقد رأيت ذلك المشهد بأم عيني حيث دمرت وقتلت الكثيرين، ألقيت صاروخًا و بدلت شريط البكا الخاص به، وعندما أصيب جسد بلال الشهيد الطاهر بعدة طلقات، لقي هذا البطل الشجاع والمقدس في 24/11/1394 هجري شمسي في منطقة رودات بولاية ننجرهار، أراد أن ينال الشهادة ووصل إلى مقام الشهادة العالي. دُفن هذا المجاهد في التراب، وطارت روح الطير مع نسور الملائكة.

 

نحسبه كذلك والله حسيبه.

طلحه قندوزي
Exit mobile version