ذكرى الشهيد الشيخ رحيم الله حقاني وجرائم داعش الخوارج!

شبیر أحمد رحمتي

بينما تمر ثلاث سنوات على استشهاد الشيخ رحيم الله حقاني رحمه الله، لا يزال جهاده العلمي والفكري والمطالب بالحق حياً في ذاكرة آلاف القلوب. لقد كان من بين كبار علماء الفكر الإسلامي المعاصر، ويُعد مثالاً للمقاومة العلمية في الدفاع عن الدين، ونشر العلم، ومحاربة التطرف.

لم يكن الشهيد الشيخ رحيم الله حقاني رحمه الله مجرد أستاذ وخطيب وكاتب، بل كان مفكراً بصيراً ومحللاً يعي آلام الأمة، كان ينظر إلى العلم باعتباره الركيزة الأساسية للدين، ولهذا السبب وقف صراحة في وجه التيارات التي تسعى إلى قمع العلم والعلماء. من هنا، بدأت جماعة داعش منذ البداية محاولات تشويه شخصيته وعقيدته وجهاده العلمي، وفي النهاية، اغتالته في هجوم جبان، ونال بذلك مقام الشهادة.

إن داعشيي الخوارج الذين يقدمون أنفسهم على أنهم مدافعون عن الإسلام، هم في الحقيقة تيار خطير ضد البنى الفكرية للأمة الإسلامية، والمراجع الدينية، والعلماء الربانيين. هذه الجماعة تتهم بالكفر كل عالم يخالف أساليبها المتطرفة والعنيفة. إنهم يعلنون العداء علانية للعلم والإجماع والتاريخ، من أجل دفع الأمة نحو الفرقة والعنف والجهل.

إن خطر الفكر الداعشي لا يقتصر على العنف الجسدي، بل له أيضاً صورة فكرية تروج باسم الدين فلسفة من الرعب والتكفير والعزلة. هذه الفلسفة لا تزيد المسافة بين المسلمين فحسب، بل تشكل أيضاً تهديداً خطيراً للأسس المعرفية للحضارة الإسلامية. من هنا، فإن علماء مثل الشهيد حقاني هم الخط الأمامي للمقاومة الفكرية الذين يقفون في وجه هذه الأفكار المدمرة.

لم يقتصر موقف الشهيد رحيم الله حقاني رحمه الله على حدود أفغانستان، بل كان صوتاً إسلامياً عالمياً يحظى بالاحترام في الحلقات الدينية في الهند وباكستان والشرق الأوسط ومناطق أخرى. كان تأثير رسالته الفكرية واضحاً من المدارس والجامعات والمحافل الدينية إلى المنابر، ولهذا السبب، كانت الحلقات التكفيرية العالمية تعتبره معارضاً خطيراً.

في هذا العصر الذي يواجه فيه العالم إفراطاً وتفريطاً دينياً، فإن علماء معتدلين مثل الشهيد رحيم الله حقاني رحمه الله، لهم قيمة حيوية في سبيل الفكر الإسلامي المتوازن، والدفاع عن أصول الأمة ووحدتها. إذا صمتت هذه الأصوات، فسوف تسقط الأمة في مهاوي الجهل وبحار الدماء. لذلك، من الضروري الحفاظ على تراث الشهيد حقاني الفكري وتعزيزه وتنشئة الجيل القادم عليه.

لقد سعى الشهيد الشيخ رحيم الله حقاني رحمه الله، من خلال خطبه العميقة وكتاباته التحليلية ومواقفه العلمية، إلى إيقاظ الأمة. كان ينظر بفكر إلى الفهم المعتدل للدين، وضرورة الاجتهاد، والدفاع عن مكانة العلماء. أظهرت مواقفه العلنية، وخاصة ضد داعش، أن نور العلم يقف دائماً في وجه ظلام الجهل.

يشهد التاريخ أيضاً أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها نور العلم لهجوم من أفكار سوداء. لقد سعى أتباع فكر ابن ملجم دائماً إلى إسكات أصوات ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لكن هذا النور لا ينطفئ أبداً. حديث النبي صلى الله عليه وسلم هو خير رسالة في هذا الشأن: «مَنْ أَهَانَ عَالِمًا فَقَدْ أَهَانَنِي، وَمَنْ أَهَانَنِي فَقَدْ أَهَانَ اللَّهَ».

إن شهادة الشيخ رحيم الله حقاني رحمه الله كانت قرباناً في سبيل إنقاذ العلم والعقل والحقيقة. لقد وهب حياته لترويج العلم، ومقاومة التطرف، وإيقاظ الأمة. اليوم، توصلنا شهادته إلى رسالة مفادها أن نقف إلى جانب العلماء، وألا نستسلم للعنف، وأن ندافع عن الاستقلال الفكري للأمة الإسلامية.

وفي الختام، ندعو الله تعالى أن يرفع درجات الشهيد رحيم الله حقاني، وأن يوفق جيلنا للسير على خطاه.

Exit mobile version