داعـش؛ خلافــــة بلا خلــيفــة! الجزء السابــع 

سروش نیک‌سیر

الثورة الشعبية؛ المقاومة الشعبية التي أدت إلى انهيار داعش وتفكك قدراته.

عندما اعتدى جيل البغدادي مدن وقرى العراق وسوريا براياتهم السوداء وسيوفهم الحادة باعتقاد أنهم قادرون على كسر إرادة الشعب، لكن ما أطاح بهذا التنظيم المتطرف في نهاية المطاف لم تكن قصوفات أحدث الطائرات بل غضب ومقاومة شعب لم يتخلى عن ديارهم وحياتهم بسهولة.

من الموصل إلى الرقة، ومن تكريت إلى دير الزور، تحول مزارعوا ومعلموا وتجار الأمس من النساء والرجال إلى مقاتلين ومقاتلات، تمكنوا من تغيير مجرى الحرب وطرد الخوارج من أراضيهم.

في العراق، استجاب آلاف الشباب العراقيين من مختلف المدن لدعوة كانت شعارها “الدفاع عن الوطن”

وقفوا بثاب في وجه الخوارج بقلوب مفعمة بالأيمان وعزيمة فولاذية وفي أيديهم أسلحة غير متطورة.

بقيت قصة صمود مدينة “أمرلي” مثالا لا يُنسى، سكانها قضوا ثمانين يوما في ظل حصار داعش ولم يستسلموا، كتبت إحدى نساء أمرلي في مذكراتها: “عندما نفد الطعام، أكلنا أوراق الشجر، لكننا لم نرضى على تنزيل علم المدينة، هذا الروح العدائي هي التي دحرت داعش أخيرًا من المدن العراقية.

ذات السناريو تكرر في سوريا، ففي شمال سوريا، تحولت قوات الدفاع الشعبي المكونة من أكراد وعرب وأقليات أخرى إلى حصنًا منيعًا في وجه وحوش داعش. وكان تحرير مدينة كوباني بعد 134 يومًا من المعارك الدامية نقطة تحول أثبتت قدرة وصمود السكان المحليين على هزيمة المتطرفين التكفيريين حتى ولم يساندهم دعم خارجي مباشر.

وكان اللافت للنظر هو التغيير في التكتيكات خلال الحرب، ففي البداية، خَوَّف الناس وأفرغ نفوسهم بارتكاب بأبشع الجرائم والفظائع لكن هذا الخوف عكف داعش على بثه في النفوس انفجر وتحول إلى غضب وكره وحقد يسانده العزيمة والبطش والروح العدائي.

وفي المناطق العراقية التي يكتض فيها السنيون،يوما ربطوا آمال التخلص والحرية من مخالب ووحشية الحكومة المركزية بداعش ولكن جيل البغدادي لم يخيب آمالهم فقط بل أحلام جميع الأمة التي لطالما حلمت بإقامة الخلافة والعدالة.

بمرور الأيام أدرك الناس أن التنظيم لم يجلب لهم سوى الدمار وضروب جديدة من إزهاق الأرواح والقتل، وذلك أدت إلى انتفاضة عشائر الأنبار ضد داعش عام 2015

فهو كان مثالا واضحا للتغيير الجذري في المنطقة.

وفي سوريا، ورغم الاختلافات الدينية والعرقية، توحّدت الفصائل الشعبية ضد داعش وبالتعاضد والتكاتف والتساند قاتلت داعش، سكان مدينة دير الزور، التي كانت تحت حصار داعش الكامل لمدة ثلاث سنوات، لم يرضخوا ولم يستسلموا أمام داعش رغم قلة الإمكانيات وفي ظل ظروف صعبة حتى نفدوا الماء.

مثل هذه المقاومات الشعبية تعطي درسًا عظيمًا للعالم: لا يمكن لأي جماعة إجرامية مهما بلغت من التسليح والعنف، أن تصمد أمام الإرادة الجماعية لشعبٍ يدافع عن دياره وأرواحه، ربما استطاع خوارج داعش الاستيلاء مؤقتًا على مناطق واسعة ببث الذعر والوحشية، لكنهم لم يتمكنوا من أسر قلوب الناس، في نهاية المطاف كانت الهزيمة من نصيب جيل البغدادي بأيدي هؤلاء النساء والرجال، وهم الذين وجهوا ضربة حاسمة لداعش، وأثبتوا أن المقاومة الشعبية هي السلاح الأقوى في وجه المتطرفين.

Exit mobile version