داعش؛ مؤامرة الأجانب ونظرية مُضلِّلة!  

أحمد صافي

إنّ تنظيم “داعش”، بوصفه جماعة منحرفة، ومنذ بداية تأسيسه، مُنْهَمِكٌ في إكمال المؤامرة التي دبّرها أسياده بهدف تشويه صورة الإسلام وإلحاق الهزيمة به في الغرب. لقد سعى هذا التنظيم باستمرار إلى تقديم الإسلام كدين مُخيف ومُعادٍ للسلام أمام المسلمين أنفسهم، وذلك بهدف وضع العراقيل أمام انتشاره السريع، ولهذا السبب، تم تجنيد العملاء المحليين والعناصر المرفوضة بشكل غير مباشر، ليصبحوا أدوات لتنفيذ هذا الهدف.

أما الادعاء بأن أفغانستان أصبحت ملاذاً آمناً لهذه الجماعة الخارجية على مستوى العالم، فهو محض دعاية لا أساس لها من الصحة، وفي الواقع، كانت هذه قصة مُعدّة سلفاً من قبل أمريكا وحلفائها من القوى الدولية، حيث تم إطلاق هذا التنظيم في الميدان كجماعة وكيلة، متخفية وراء “شعارات مُقدسة” ووجوه مُزيفة. ولكن الحمد لله، فقد فشلت هذه الخطة تماماً في أفغانستان.

بعد هزيمته، بدأ هذا التنظيم بالقيام بأعمال جبانة، مثل اغتيال قادة الإمارة أو محاولات نشر الرعب بين الحين والآخر. لكن الأدلة التي تم الحصول عليها حتى الآن تثبت أن “داعش” هو نتاج ومؤامرة خارجية، وأن جميع مخططاته والعناصر القائمة على تنفيذها مُختبئة في دول مجاورة لأفغانستان.

لقد صرح قادة الإمارة الإسلامية مراراً وتكراراً أن أفغانستان لا ينبغي أن تكون الضحية الوحيدة لهذه الفتنة الخطيرة، بل يجب على المجتمع الدولي أيضاً أن يتحمل مسؤولياته في مكافحتها، وموقف الإمارة الإسلامية هذا ليس مجرد ادعاء، بل تم تقديم أدلة قاطعة عليه مراراً وتكراراً في الماضي، وأحدث تأكيد لهذا الموقف جاء من كبار المسؤولين الأمريكيين السابقين أنفسهم، وعلى رأسهم زلمي خليل زاد، رئيس الوفد الأمريكي خلال اتفاقية الدوحة للسلام.

قبل بضعة أيام، كشف خليل زاد في منشور له على منصة “إكس” أن لديه معلومات موثوقة تفيد بأن منظمات إرهابية خطيرة مثل “داعش” موجودة حالياً في باكستان، كما طالب إسلام آباد بالتعامل بجدية مع قضية وجود هذه الجماعات على أراضيها واتخاذ إجراءات فعالة بشأنها.

وبحسب زلمي خليل زاد: “داعش لم يعد يشكل خطراً على باكستان فحسب، بل على المنطقة بأكملها والعالم بأسره. لقد حان الوقت لكي يفهم الجميع أن استخدام الإرهاب كإستراتيجية هو لعبة مُدمرة، ستعود في النهاية ضد أولئك الذين غذّوها”.

وكشف خليل زاد أيضاً أنه في منتصف مارس الماضي، هاجم مسلحون بلوش معسكراً لـ “داعش” في منطقة مستونغ بإقليم بلوشستان، مما أسفر عن مقتل 30 مسلحاً من “داعش”، وكان من بين هؤلاء الإرهابيين الأوزبك والأتراك والهنود والطاجيك، وكتب أن هذه المعلومات صحيحة وأنه لا ينبغي أن يكون وجود الجماعات الإرهابية في باكستان غير معروف للجيش الباكستاني وأجهزة الاستخبارات.

وقدّم هذا التوضيح رداً على تصريحات وزير الدفاع الباكستاني، التي اعترف فيها بأن باكستان، بتوجيه وتعاون من الولايات المتحدة، قد آوت جماعات إرهابية مختلفة على مدى العقود الثلاثة الماضية، لكنها الآن نادمة على هذه السياسة.

مع الأخذ في الاعتبار أقوال خليل زاد، من الضروري أن تتحد الدول المجاورة لأفغانستان وقوى المنطقة وتتوحد كلمتها من أجل القضاء على هذه الفتنة؛ لأنه إذا لم يتم القضاء على هذه الاتجاهات والفتن الخطيرة في الوقت المناسب، ولم يُنظر إليها على أنها مسؤولية مشتركة تجاه السلام العالمي، فإن تضحيات وجهود أي بلد بمفرده لن تكون كافية لاقتلاع جذورها.

وبما أن باكستان تخضع حالياً لضغوط دولية ولا تزال تروج للاتهامات والمناورات السياسية، فيجب عليها أيضاً ألا تنسى أن صبر العالم سينفد في النهاية، وأن مسؤولية هذه اللعبة الخطيرة وخسائرها ستقع على عاتقها.

“داعش” ليس مفيداً لأحد ولا هو ناصح لأحد، لقد حان الوقت لاقتلاع جذوره، والاعتراف بالحقائق في ضوء التعاون الإقليمي والعالمي، والاعتراف بجهود الإمارة الإسلامية في الحرب على “داعش”.

Exit mobile version