خوارج داعش: سلاح الغرب الجديد لمواجهة الإسلام! الجزء السادس والعشرون

إحسان عرب

كان تنظيم داعش الخارجي سببا ليوضع قانون قمع الحركات الإسلامية المعتدلة في العالم الإسلامي عبر ممارسته العنف والجهل، متسترًا بالإسلام والجهاد. ذلك في وقت كان ملايين المسلمين يسعون لاستعادة القيم الإسلامية الأصيلة من خلال النشاط السياسي والفكري والمدني. إلا أن العالم الكافر استغل إرهاب داعش لكبح هذه الأصوات.

في العديد من الدول الإسلامية، وخاصة العربية، حُظرت الحركات الإسلامية المعتدلة وكُبِحت بذريعة التعاون مع داعش. وفي الوقت نفسه، واجهت المقاومة الفلسطينية المشروعة ضد الاحتلال الصهيوني قيودًا وضغوطًا شديدة تحت تأثير الظروف الدولية التي خلقتها داعش.

وفي أفغانستان أيضًا، مع ظهور تنظيم داعش، تعرضت حركة طالبان الجهادية التي كانت تهدف إلى إنهاء الاحتلال وإقامة نظام إسلامي لضغوط إعلامية وأجهزة خارجية، لتشويه الشريعة وربطها بالعنف والإرهاب، مستغلين الظروف التي خلقتها داعش لإبعاد الناس عن النظام الإسلامي.

في الإعلام الغربي، كان يُنظر إلى كل صوت إسلامي وحراك سياسي مشروع، مهما كان معتدلاً وعقلانيًا، من خلال منظار داعش. وبالتالي، على مستوى العالم، ارتبطت السياسة الإسلامية المشروعة والعادلة بالإرهاب. ورغم إعلان الغرب الحرب ضد داعش، تطرح الأدلة الدقيقة والتقارير الاستخباراتية أسئلة جوهرية:

كيف تمكن تنظيم داعش الإجرامي من بناء قواعد، وإعداد جيوش، والحصول على ترسانة عسكرية متطورة في صحاري العراق وسوريا، في زمن تراقب فيه الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار كل التحركات على الأرض؟

ولماذا وُجهت معظم هجمات داعش إلى صدور المسلمين والمصلين والمساجد وعامة الناس، بدلاً من استهداف الكيان الصهيوني أو المصالح الغربية؟

تطرح هذه الأسئلة، إلى جانب وثائق سربها عدد من الصحفيين والمحللين، فرضية خطيرة: ألم يكن داعش مشروعًا مدبرًا لقمع الصحوة الإسلامية؟ ألم يكن التنظيم، سواء بوعي أو من دون وعي، أداةً لتغيير الفكر الإسلامي؟

وبالتالي يمكننا القول بثقة تامة: بعد دراسة واسعة وعميقة لأفعال داعش، تبين أن هذه الجماعة لم تضر الأمة الإسلامية فحسب، بل شوهت صورة الإسلام ومهدت الطريق لدخول المشاريع الغربية المعادية للإسلام، وحوّلت حركات الصحوة الإسلامية عن مسارها الأصلي، وأبعدت العديد من الشخصيات الإسلامية المؤثرة عن المشهد أو وضعتهم تحت اتهامات خطيرة.

لقد ورّطوا الدول في حروب داخلية بحيث يسفك المسلم دم أخيه المسلم، في حين يبتسم أعداء الإسلام بملء فمهم. وهذا ما منح أجهزة الاستخبارات والإعلام الغربية ذريعة قوية لتنفيذ عمليات ضد المساجد، والنشطاء، والعلماء، والمؤسسات الدينية تحت غطاء “مكافحة الإرهاب”.

لذلك يمكن القول إن داعش، وإن تظاهر بعداوة الغرب، إلا أنها في الواقع أصبحت الورقة الأكثر فعالية لتنفيذ أهداف العالم الغربي. لقد غرز داعش في لباس الإسلام سيفه في جسد الأمة، ومهد الطريق للقمع، والتجسس، والانقسام، وكراهية الإسلام.

Exit mobile version