تمهيد للتحالفات الإقليمية والعالمية المناهضة للإسلام
منذ ظهورها، لم تكن جماعة خوارج داعش مجرد مجموعة مسلحة عادية، بل تجاوزت ذلك. فقد تحولت هذه الجماعة بتصرفاتها المغايرة للإسلام ودعاية ممنهجة إلى أداة لبناء جبهات موحدة ضد الإسلام والمسلمين على المستوى الإقليمي والعالمي.
عندما أحدثت داعش من خلال عملياتها الدامية في العراق وسوريا، ثم الهجمات المخططة في الدول الأوروبية، حالة من الرعب العالمي، تمكنت القوى الغربية الكبرى وحلفاؤها الإقليميون من استغلال هذا التهديد الزائف لأقصى حد سياسي وعسكري.
الدول الغربية، التي كانت تواجه معارضة شعبية واسعة لتدخلها العسكري المباشر في الشرق الأوسط، شكّلت هذه المرة تحالفات متعددة الجنسيات تحت شعار مكافحة داعش، وعادت لتوسيع وجودها العسكري في البلدان الإسلامية.
من جهة أخرى، تمكنت الحكومات الإقليمية التي تواجه تهديدات داخلية من الحركات الإسلامية والثورات من استغلال موجة «محاربة داعش» لقمع الجماعات الإسلامية المنافسة وحتى المعارضين الداخليين، وكسب الدعم السياسي والعسكري من القوى الخارجية.
لا شك أن خوارج داعش لم يكونوا فقط مهيئين لحضور القوى الأجنبية عسكريًا في البلدان الإسلامية، بل كانوا ذريعة لتوحيد الدول الغربية وبعض الأنظمة الإقليمية ضد أي حركة إسلامية مستقلة.
إذا ألقينا نظرة سريعة على التحركات العسكرية والسياسية للتحالفات المزعومة «ضد داعش»، يتضح أن الهدف الرئيسي لهذه التحالفات، خلافًا لما يُعلَن، لم تكن مكافحة داعش، بل إدارة الأزمة بطريقة تضمن تثبيت وجود ومصالح الغرب في المنطقة وتضعيف المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال.
أظهرت الحقيقة أن القوى الكبرى من خلال استغلال مشروع داعش، أنه بإمكانها خلق تهديدات عبر بناء أو توجيه جماعات مثل داعش، ثم استغلالها كذريعة لتنفيذ سياساتها التوسعية.
اليوم، وبعد الهزائم الميدانية لداعش، لا تزال بقايا الفكر والشبكات الخفية لها نشطة في أركان البلدان الإسلامية، ولا يزال اسم هذه الجماعة يُستَخدم أحيانًا كمهدد جاهز لتبرير العمليات المشتركة والاتفاقات الأمنية الجديدة.
في النهاية، يمكن القول إن تجربة داعش أظهرت أن وعي الأمة الإسلامية وفهمها العميق للمشاريع الخفية للأعداء هما السبيل الوحيد لإحباط هذه المؤامرات.
فما دامت الوحدة والوعي السياسي غائبين بين المسلمين، فإن الأعداء سيستمرون باستخدام أدوات مثل داعش لبناء تحالفات مناهضة للإسلام، ومحاولة هدم الإسلام من طريقها.