الاستراتيجية الإعلامية لداعش ووسائل التواصل الاجتماعي! الجزء الأول 

جنيد زاهد

نحن نعيش اليوم في عالم يشهد أحداثًا وتحولات غريبة وعجيبة، لدرجة يعجز الإنسان أحيانًا عن فهمها أو تحليلها، وهي من النوع الذي كان تصوّره مستحيلاً قبل بضعة عقود.

في هذا العالم الذي يُعرف اليوم بـ “عصر الساندويتش” – حيث يُعد كل شيء بسرعة وتُقدَّم الأمور بعجلة – أصبحت الحياة في عالم مضطرب كهذا لا تخلو من الكوارث والمحن.

وإلى جانب ذلك، أصبح دور وسائل الإعلام مدعاة للقلق؛ فقد تحوّلت إلى أدوات رئيسية في انحراف عقول الفئات الاجتماعية، خصوصًا الشباب. وقد استغلت الجماعات الإرهابية هذه الوسائل جيدًا، مستفيدة من تطور التكنولوجيا، فبدّلت لباسها القتالي وظهرت بصورة جديدة تتماشى مع هذا العصر.

لقد حصلت هذه الجماعات على تقنيات متقدمة لإنتاج فيديوهات عالية الجودة، وسعت من خلالها إلى استقطاب الشباب الأبرياء وجذبهم إلى صفوفها، مستغلة مشاعرهم البريئة لخدمة أهدافها الخبيثة. ومن الواضح أن تنظيم داعش استفاد بشكل واسع من هذا المجال، ووقع في شباكه كثير من الشباب المخدوعين.

هذا لا يعني أن تقنيات العصر هي بذاتها مصدر الشر، بل إن الاستخدام السيئ لها وتوظيفها في خدمة الأهداف الخبيثة هو ما جعلها وسيلة للشر والفساد. وظاهرة داعش – التي تُعتبر اليوم مصدرًا رئيسيًا للفساد في المجتمعات – كانت نتاجًا لاستغلال هذه الوسائل التضليلية المعاصرة.

كيف يستقطب داعش الناس، وخصوصًا الشباب، إلى صفوفه؟

في الواقع، تمكن داعش من خلال أدواته الإعلامية من خداع كثير من الناس واستقطابهم بمهارة عالية. وفي الفضاء الإلكتروني، تحول إلى رمز للقوة أمام الشباب من خلال الصور الجذابة والمقاطع العاطفية والخيالية.

لقد أتقن هذا التنظيم طرق التضليل وجذب الضحايا، فاستعملها ليكوّن قوة كبيرة ويمدّ معاركه بالمقاتلين.

1 – إنتاج ونشر الفيديوهات:

بفضل ما يمتلكه من تقنيين محترفين، استطاع داعش أن يُوقِع كثيرًا من الناس في شِباكه. فقد خاض حربًا إعلامية ونفسية متقنة، وبقي في الميدان حتى انكشفت حقيقته البشعة للعالم، بعد أن أوقع عددًا كبيرًا من الشباب في فخه.

استغل بشكل خاص منصّتي تويتر وفيسبوك، وسعى لخلق أجواء من الرعب والرهبة في الفضاء المجازي.

وكان من خلال هذه المقاطع المصوّرة يهدف إلى نشر الخوف من جهة، وجذب الشباب المقهور واليائس من جهة أخرى، ليزيد عدد مقاتليه. لقد كان تنظيمًا عطِشًا للاهتمام، فعمل على إنتاج فيديوهات صادمة وعالية الجودة ليبقى في صدارة الأخبار، ويشد انتباه الناس، ويجذب بذلك جنودًا جدداً من الحاقدين والناقمين.

2 – نشر المقالات العاطفية:

في مرحلة تالية، اعتمد داعش على نشر مقالات عاطفية، واستقطب كتّابًا مهرة استطاعوا التأثير في العاملين في الحقل الإعلامي.

جمع التنظيم معلومات متنوعة، ونظّمها ونشرها على شكل تقارير، لجذب المهتمين بهذا النوع من المقالات واستمالتهم.

لقد كانت المقالات العاطفية واستغلال المشاعر الثقافية من الأدوات المهمة في معركة داعش الإعلامية.

3 – النشرات الإلكترونية:

قام داعش بإنشاء نشرات إلكترونية وصفوف تعليمية منظمة، مكنته من التأثير بسهولة على أذهان المتابعين في الفضاء الرقمي خلال فترة وجيزة. وقد استطاع من خلال ذلك توجيه عقول بعض الشباب وعدد من شرائح المجتمع الدولي نحو أهدافه الخفية والخبيثة.

هذا التنظيم التخريبي والمرعب عزز حضوره في المجال الإلكتروني بقوة لدرجة أنه استطاع اقتحام قنوات إعلامية متعددة.

Exit mobile version