نموذج لضمير حي، عقيدة نقيّة، وأخلاق نبوية الشهيد السعيد حافظ نعمت الله “نيكمل” هو ابن السيد غلام، وُلد في عام 1374 هـ ش في ولاية وردك، منطقة سيد آباد، في قرية ملي خيل، في أسرة جهادية متدينة وشريفة، حيث فتح عينيه على هذه الدنيا الفانية.
بدأ تعليمه الديني الابتدائي في قريته على يد إمام المسجد، وكان ملتزماً بالصلاة والجماعة والعبادة منذ صغره. التحق بالمدرسة الدينية في سن مبكرة وبدأ بحفظ القرآن الكريم، وبفضل الله، أتم حفظ القرآن الكريم في عام 1391 هـ ش. إلى جانب حفظ القرآن، واصل تعليمه الديني وقضى كل حياته في بيئة نقية وطاهرة بيئة المدرسة الدينية حيث يتم تدريس قانون الله وإعداد الشباب لنشره في العالم.
عندما كانت البلاد تحت وطأة الاحتلال الكفري، كانت تُحاك الخطط لإضلال الأمة المسلمة وتوجيهها نحو الطغيان. وفي هذه الفترة بدأ نيكمل مرحلة شبابه بمراقبة أفعالهم الوحشية، وعندما امتلأت كأس صبره، قرر أن يبدأ الجهاد سراً من المدرسة ضد الطغاة.
كان الشهيد نيكمل، رحمه الله، مجاهداً موهوباً وشجاعاً وذو خبرة. كان مشهوراً بين أصدقائه لصبره واستقامته. خلال فترة حياته الجهادية، شارك في العديد من الغارات والقصف والكمائن والعمليات الهجومية، وحافظ على مواقعه بشجاعة. أصيب بجروح خطيرة مرة واحدة، وكانت قريته يوسف خيل القديمة قد دُمرت وانتقل سكانها إلى مناطق أخرى. وكانت هناك نقطة تفتيش للجنود المرتزقة في أحد المنازل على جانب الطريق في القرية. وقمنا بعملية باستخدام الليزر ضد هذه النقطة. كانت العملية ناجحة ولكن الليالي كانت خطيرة، حيث كان الشتاء قارص البرودة، وكانت هناك مخاطر من الطائرات بدون طيار والغارات الجوية. كنا نخطط للخروج بسرعة من المنطقة.
جلسنا للراحة بين أنقاض أحد المنازل، وكان نيكمل واثنين من أصدقائه واقفين عند نافذة لمراقبة الوضع. كنت جالساً خلفهم عندما سمعت صوت انفجار قوي ونداء “الله أكبر” فرأيت أحدهم يسقط. هرعت نحوه وكان نيكمل. رفعناه بسرعة، وقبل أن نصل إلى المسجد، فتح عينيه وقال: “هل سنموت هنا وحيدين” ؟.
وصل فريق الإسعاف وعالجوا الجرح الذي كان في الجانب الأيمن من صدره. تحركنا بسرعة نحو مستشفى تنگي، ولكن الطريق كانت مسدودة، لذا اضطررنا إلى الذهاب عبر طريق جغتو. كانت الطريق طويلة وفقد وعيه عدة مرات حتى وصلنا إلى المستشفى. وقبل أن يصل إلى المستشفى، نظر بعيون مليئة بالحسرة وقال بصوت مختنق: “أمي ستنكسر قلبها” وكان يشير إلى أمه الطاهرة التي ضحت بابنها في سبيل الله. بعد ذلك فقد وعيه مرة أخرى.
وصلنا إلى المستشفى وقام الأطباء بإجراء عملية ناجحة بفضل الله، وبعد فترة من النقاهة عاد نيكمل إلى الجبهات بقوة وعزم أقوى من قبل.
في رمضان، كان يقوم بختم القرآن الكريم رغم آلام جروحه. كان يتغلب على المصاعب والآلام بصبر حتى تحقق النظام الإسلامي في أفغانستان وعاش الشعب في سلام. ولكنه لم يتراجع بل استمر في نضاله ضمن العمليات العسكرية، حيث تم تكليفه بمسؤولية مجموعة في الوحدة العملياتية التابعة للرئاسة العاشرة.
وفي إحدى العمليات یحکي صدیقه قصته:
عندما قام داعش بإعدام المجاهد الشاب مصباح جان بوحشية ونشروا الفيديو على الإنترنت لإرهاب المجاهدين، بدأت استخبارات الإمارة الإسلامية في تعقب المجموعة. نفذنا هجوماً في مزار الشريف، وتم القضاء على عناصر داعش هناك، وتوجهنا لاحقاً إلى بغلان حيث تم اكتشاف معقل لهم.
وصلنا إلى بغلان وحاصرناهم. طلب منا فريق الفدائيين أن يحملوا الألغام إلى منازل داعش لتفجيرها وإزالة العقبات. وكان نيكمل ضمن الفريق الذي حمل الألغام ونفذ الانفجار الذي دمر المنزل. ثم عاد وأطلق النار على مكان المقاومة، ولكن تم استهدافهم وسقط نيكمل واثنان من رفاقه شهداء.
بعد سنوات من النضال، استشهد نيكمل و ثلاثة من رفقائه -رحمه الله- في 24 ذو الحجة 1443 هـ، الموافق 2 أسد 1401 هـ ش، في عمليات ضد داعش في بغلان.
قصة استشهاده وزفافه:
في يوم استشهاده، كانت أسرته تستعد لخطوبته، لكن الله اختاره ليكون شهيدًا. يروي أخوه قصة استشهاده: ” كان العصر والشمس تميل للغروب، وكانت العائلة تنتظر الفرح بزفاف نيكمل، عندما اتصلت به علمت من زميله أنه استشهد. أسرعت في الوضوء وقراءة القرآن الكريم والدعاء بالصبر لأهلي، وعندما وصلت الجنازة إلى المنزل، عمت حالة من الحزن والبكاء أرجاء البيت كانت أصوات البكاء ترتفع حتى وصلت السماء”
كان يوماً حزيناً جداً، ولكن روحه الطاهرة ظلت تلهم الأحياء بالشجاعة والصمود في سبيل الله
.
نحسبه عند الله شهيدا والله حسیبه