كان الشهيد السعيد مولوي محمد أیاز شهامت، ابن الحاج محمد شريف، منارةً شامخةً في المحبة والإيثار، نموذجًا في الأخلاق، وأسدًا من أسود جبال كونر. وُلد عام 1375هـ ش (1996م تقريبًا) في قرية نيشه گام بمديرية غازي آباد في ولاية كونر، ضمن أسرة متدينة وملتزمة. في طفولته، بدأ خطواته الأولى نحو المسجد، وتلقى أولى دروسه الدينية والعقدية على يد إمام قريته، ثم التحق بمدرسة ضياء القرآن في مديرية شَغَة، حيث أتم دراسته الشرعية وتُوّج بعمامة الفضل.
وبما أن نشأته كانت في بيئة دينية وكان إيمانه متجذرًا بعمق، فقد أنعم الله عليه بضمير حيّ ويقظ. وعندما كان لا يزال على أعتاب شبابه، كان وطنه رازحًا تحت الاحتلال الغربي الكامل، فآهات المظلومين، وصيحات الأرامل، وامتهان المقدسات الدينية لم تسمح له باختيار حياة هادئة، بل اندفع إلى ميادين الجهاد والمقاومة في سن الثانية عشرة، وحمل السلاح ضد المحتلين ولم يترك الميدان حتى آخر رمق من حياته.
غادر قريته وبيته لمدة تسع سنوات، مهاجرًا إلى منطقة چوكي التي يسيطر عليها المجاهدون، وكان مجاهدًا نشيطًا وشجاعًا. في إحدى الليالي، تمكّن لوحده من قتل ستة أفراد من الميليشيات والجيش باستخدام الليزر، وجرح ثلاثة آخرين. حافظ على خطوط المواجهة بكل بسالة، وشارك في معظم الكمائن والعمليات الهجومية في منطقته جنبًا إلى جنب مع إخوانه المجاهدين. وكان موقفه من خوارج داعش شديدًا، حتى أنه التحق بتنظيم المجاهدين في معظم مديريات كونر، وطهر العديد من المناطق من وجودهم.
في بداية رحلته الجهادية، أُرسل أول مرة إلى مديرية شيگل في ولاية كونر، والتي كانت أحد معاقل خوارج داعش، فواجههم وجهًا لوجه، وطهر مناطق واسعة من وجودهم. وبعد انتهاء المهمة عاد إلى بيته، لكنه ما لبث أن استُدعي من جديد، وهذه المرة إلى منطقة ساريگل في مديرية مانوگي، حيث قاتل الخوارج ببسالة.
ثم أُرسل للمرة الثالثة إلى مديرية وټه پور، وهناك رفع راية الحق في وجه الخوارج، صامدًا أمام ريائهم وتشدّدهم، كاشفًا ضلالهم بالقرآن والسنة، مؤمنًا بوحدة الأمة، ومقاومًا للتفرقة. كان يدرك أن الخوارج بعيدون عن روح الإسلام وفكره، فكان يرد على فسادهم بالحكمة والعلم، وإذا لزم الأمر، بالسيف. لم يكن نضاله مجرد موقف سياسي، بل كان رسالة إيمانية أدّاها بصدق وشجاعة.
في مهمته الرابعة، أُرسل إلى منطقة كرنګل في مديرية مانوگي، وهناك جرى حوار عبر اللاسلكي بينه وبين أحد دعاة داعش، فغلبه بالأدلة والبراهين، مما دفع القائد العسكري آنذاك، القاري ضياء الرحمن، إلى مكافأته بمبلغ (2000) أفغاني.
واجه هذا المجاهد خوارج داعش في عدة جبهات، وأسر عددًا كبيرًا منهم، وكان يدعو ضدهم في كل مكان. كما كانت أسرته أسرة جهادية؛ فعندما يُستدعى للتشكيل، كان يذهب مع أربعة من أقاربه: أخوه، ابن عمه، واثنين من أبناء إخوته. واستشهد من عائلته ستة أفراد، وكان شقيقه محمد بشير هارون قائدًا لإحدى الوحدات.
وأخيرًا، هذا المجاهد صاحب الخلق الرفيع والوجه البشوش، خرج في الصباح متوجهًا إلى مركزه، حيث كان قائد السرية الأولى في الكتيبة السابعة، فتعرض في طريقه إلى انفجار عبوة ناسفة زرعها خوارج داعش في منطقة بابړو بمديرية چوكي، فنال مرتبة الشهادة، وأصيب ثلاثة من رفاقه، أحدهم لا يزال مُقعدًا حتى اليوم. نحسبه كذلك والله حسيبه.
تاريخ الاستشهاد: يوم الأحد 1 صفر 1444هـ، الساعة التاسعة صباحًا.