العلاقة بين الأتراك والعالم الإسلامي!
تحركت القوات الإسلامية نحو منطقة الباب سنة 22هـ فاستولت عليها، كانت هذه المناطق مأهولة بالأتراك؛ التقى قائد القوات الإسلامية عبد الرحمن بن ربيعة رضي الله عنه بالقائد التركي شهر براز، وطلب شهر براز الصلح من عبد الرحمن رضي الله عنه، وأعلن استعداده للانضمام إلى القوات الإسلامية في مهاجمة أرمينيا.
فأرسله عبد الرحمن إلى أميره سراقة بن عمرو رضي الله عنه، والتقى شهربراز مع سراقة، وبحث معه قضية التعاون مع القوى الاسلامية، فكتب سراقة رضي الله عنه كتاباً إلى عمر -رضي الله عنه- وأعلمه بذلك، فوافق عمر رضي الله عنه أيضاً على رأي سراقة، فعقد الصلح مع الأتراك، كما لم تحدث حرب بين الأتراك والمسلمين، وقامت القوتان بغزو أرمينيا ونشر الإسلام هناك.
وبعد ذلك تحركت القوات الإسلامية نحو مناطق شمال الغرب من فارس، حتى تقوم بعد سقوط الدولة الساسانية على أيدي القوات الإسلامية بالدعوة والتبليغ في هذه المناطق أيضاً، وكانت هذه المناطق تشكل حاجزاً أمام تقدم القوات الإسلامية نحو الشمال؛ وعندما تم حل هذه المشكلات من خلال السلام، تم أيضاً تمهيد الطريق للوصول إلى هذه البلدان والمناطق، وأقيمت علاقات بين الأتراك والمسلمين، وتأثر الأتراك بتعاليم الإسلام وقبلوا الإسلام، وانضموا إلى صفوف المجاهدين للمشاركة في نشر الإسلام وإعلاء كلمة الدين.
وفي عهد عثمان رضي الله عنه فتحت جميع مناطق طبرستان، سنة 31هـ عبرت القوات الإسلامية نهر الجيحون، واستقرت في مناطق ما وراء النهر، وقد اعتنقت مجموعات كبيرة من الأتراك في هذه المناطق الإسلام، ودافعوا عن الإسلام، وشاركوا في الجهود الجهادية لنشر رسالة الله في جميع أنحاء العالم.
وبعد ذلك واصلت القوات الإسلامية تقدمها، وفي عهد معاوية رضي الله عنه تم فتح بخارى، واستمرت هذه الانتصارات حتى ضمت سمرقند أيضاً إلى الدولة الإسلامية، وتوسعت حدود الإمبراطورية الإسلامية، وجاء وقت أصبحت فيه بلاد ما وراء النهر كلها جزءاً من الإمبراطورية الإسلامية، واعتنقت القبائل التركية التي تعيش في هذه المناطق الثقافة والحضارة الإسلامية على وجه الخصوص.
وازداد نفوذ الأتراك في بلاط الخلفاء والأمراء العباسيين، وكان الأتراك حاضرين في كل قطاع، وفي كل المناصب العليا والدنيا في الحكومة، ولم يكن هناك أي فرع لا تتواجد فيه الأتراك، وقد وصلوا إلى مناصب مهمة بفضل جدارتهم وإخلاصهم.
وعندما تولى المعتصم الحكم، فتح أبواب المناصب العليا لنفوذ الأتراك، ومنحهم مناصب مهمة؛ وأصبح الأتراك الآن يعملون في مناصب رئيسية في كافة القطاعات، وفي واقع الأمر كان المعتصم يريد القضاء على نفوذ الإيرانيين الذين برزوا كقوة عظمى وناجحة منذ عهد المأمون. خلال هذه الفترة، وقد استبد في هذا المجال إلى حد كبير.
وقد أثار هذا التصرف من المعتصم غضب الشعب، وبسبب الاضطرابات بين عامة الناس والقوات العسكرية، بنى المعتصم لنفسه مدينة جديدة؛ حيث عاش فيها رفاقه وأصدقائه، وأطلق على هذه المدينة الجديدة اسم سامراء، وكانت تقع على (125) كيلومتراً من بغداد.
خلال فترة مهمة في التاريخ الإسلامي، أُعطيت للأتراك أهمية كبيرة في الإمبراطورية، وجاء الوقت الذي وضع فيه الأتراك أسس إمبراطورية كبيرة جدًا، وكانت لهذه الإمبراطورية علاقات وثيقة مع الخلفاء العباسيين؛ وتعرف أيضًا في التاريخ باسم الإمبراطورية السلجوقية.