حينه أصيب قائد قوات الدفاع المدعو جستنيان بجروح حرجة وذاك أجبره على التراجع. أما الجيش المسيحي قد فقدوا من قبلُ الروح العدائي، وبإصابة قائدهم خارت عزائمهم أكثر، القائد المصاب الميداني “جستنيان” ألقى نفسه في قارب وولى هاربا من ميدان المعركة، بعد ذلك تولى الزعيم “قسطنطين” بنفسه قيادة الجيش وسعى جاهدًا في رفع معنويات جيشه المنهارة وتثبيت أقدامه المتداعية ولكن جهوده باءت بالفشل.
بينما كان قسطنطين يسعى لتحميل الروح العدائي في جنودهم كان السلطان محمد الفاتح يقاتل العدو بسيوف مشهورة، ويعمل على تحطيم معنويات الجيش المسيحي، واصل العثمانيون هجومات وإغارات في أجزاء أخرى من المدينة كذلك، ووصل عدد كبير من جنودهم إلى أسوار المدينة، بل تسلّق بعضهم أبراجها، وأثخنوا في الجيش الذي توطن عند بوابة جسر عبدريان، ورفعوا رايتهم.
مع فتح الطريق، دخل الجيش العثماني المدينة بقوة، عندما رأى قسطنطين الراية العثمانية خفاقة في العلا عند البوابة الشمالية للمدينة، يئس وأصيب بالإحباط، واعتقد أن مواصلة الدفاع والمقاومة لا تجدي، فخلع ثيابه الملكية وتنكر بالزي العسكري مترجلا، وبقي وحيدًا، ولم يجد أي تعاطف وتعاضد، وقاتل قليلا، لكنه قُتل بساحة المعركة في نهاية المطاف.
مع انتشار نبأ وفاة قسطنطين، ارتفع الروح العدائي لدى الجيش العثماني أكثر، بالمقابل انهارت معنويات جيش العدو وأصابهم الذعر، فدخل الجيش العثماني المدينة عبر طرق مختلفة، وهرب الجيش المسيحي بعد قتل قائده، وبذلك سقطت القسطنطينية في أيدي المسلمين.
شارك السلطان محمد الفاتح فرحة النصر مع رفاقه وهو على ظهر الخيل راكبا. وهنئه قادة الجيش، وكان يقول بلسان حاله: الحمد لله! رحم الله الشهداء وأعز المجاهدين هذا فخرٌ للأمة جمعاء ويستوجب الشكر علينا جميعا.
وكانت في المدينة أنفاق دفاعية كذلك، وذلك تسبب في استشهاد عدد كبير من جنود الجيش العثماني. هرب العديد من سكان المدينة نحو الكنائس في تاريخ ( 20 من شهر جمادي الأولى عام 857 هـ، الموافق 29 مايو 1453 م) كان يومًا صافيًا ومشرقًا أشرقت الشمس ساطعةً. في ذلك اليوم، كان السلطان محمد الفاتح يتجول في وسط المدينة مع قادته يزمزم كلمات الشكر والحمد:
ما شاء الله!
التفت السلطان بوجهه إلى جيشه وقال:
لقد تشرفتم بفتح القسطنطينية، وبشر النبي محمد صلى الله عليه وسلم لفاتحي القسطنطينية بقوله: “لتُفتحنَّ القسطنطينية، فلنعمَ الأميرُ أميرُها ولنعمَ الجيشُ ذلك الجيشُ”
هنأ السلطان جيشه على تشرُفهم وتمجدهم بفتح القسطنطينية وأمرهم بحسن السلوك مع الناس، ونهاهم عن السرقة والقتل والجور وأعاطهم توجيهات إحسان إلى الناس ثم ترجل عن فرسه، وشكر الله، وذلل نفسه أمام الله بالدعاء والسجدة والحمد.