الخُمس من الغنائم:
إحدى المصادر المالية المهمة لتنظيم داعش هي الخُمس من الغنائم، ووفقاً للفقه الحنفي، تُعتبر الغنائم هي الأموال أو الممتلكات أو الثروات التي يحصل عليها المسلمون عن طريق القتال المشروع بقيادة إمام شرعي ووفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
ومن الواضح أن تنظيم داعش هو جماعة متطرفة ومشروع استخباراتي بعيد عن الإسلام الحقيقي، أُنشئت تحت غطاء الإسلام بهدف تشويه صورته، لكن مع ذلك، فإن الجماعات، والمجموعات والأفراد الذين اعترفوا بقيادة تنظيم داعش وبايعوه، يُلزمون بتقديم الخُمس من غنائمهم (حسب تعريفهم وتحريفهم الخاص للغنيمة) للتنظيم.
وبحسب تقرير مجلة Foreign Affairs، يعتمد تنظيم داعش على مبدأ الخُمس ويطبّقه على كل ما يحصل عليه مقاتلوه من أموال، مثل الأسلحة، والأشياء الثمينة، بل وحتى البشر، حيث ينقلون 20% من تلك الممتلكات إلى خزانة التنظيم، مدّعين أن هذا العمل يستند إلى الآية 41 من سورة الأنفال في القرآن الكريم.
مصادر أخذ الخُمس عند داعش:
وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة Brookings، كانت داعش تحصل على الخُمس من المصادر التالية:
النقد المالي: الأموال النقدية المنهوبة من الحسابات البنكية، الدوائر الحكومية، والمنازل الخاصة.
الأسلحة والذخائر: الأسلحة التي صادرتها من قوات الجيش والشرطة.
المركبات ووسائل النقل: تُقيّم جميع المركبات المصادرة حسب قيمتها وتُحتسب ضمن الغنائم.
التجارة والممتلكات: المحال التجارية، المخازن، والأعمال التي اعتبرتها داعش مملوكة لـ”المرتدين”.
الرجال والنساء: في بعض الأحيان، تم أسر البشر واعتبارهم جزءًا من الغنائم الخاضعة للخُمس.
كانت داعش تستخدم مبدأ “الخُمس” تحت غطاء الشريعة الإسلامية كأداة سياسية واقتصادية مشوهة، تهدف من خلالها إلى تمويل آلتها الحربية، وإضفاء الشرعية على كيانها، واستقطاب الأفراد، كما أنها كانت تجمع الخُمس من مصادر أخرى حسب حاجتها، وفي حال امتناع الناس، كانت تأخذه بالقوة.
مثال على ذلك: في عام 2013، اكتشفت سبع نساء كنزًا أثريًا في منطقة “الصالحية” بمحافظة دير الزور السورية، وقدر أحد قادة داعش ويدعى “أبو الليث” قيمة الكنز بـ70,000 دولار، وطالب بـ20% منه كخُمس، وعندما رفضت النساء، حاول أخذ حصته بالقوة.
مواطن استخدام الخُمس:
وفقًا لتقارير من Foreign Affairs، Brookings، وChatham House، كانت داعش تستخدم إيرادات الخُمس في المجالات التالية:
1- تمويل الحرب:
شراء الأسلحة، الذخائر، المواد المتفجرة، والمعدات العسكرية.
تنظيم النقل والإمداد الأمني للمقاتلين.
2- رواتب المقاتلين:
دفع راتب شهري لكل مقاتل (بمعدل 300 إلى 400 دولار).
تقديم مساعدات إضافية للمصابين وعائلات القتلى.
3- الأنشطة الدعائية:
1- إنتاج الفيديوهات، طباعة المجلات، الحملات الإعلامية والإنترنتية.
2- ترويج صورة مشوهة عن الإسلام.
4- النفقات الإدارية:
1- تمويل مؤسسات داخلية مثل دوائر الضرائب، الشرطة، وأجهزة الاستخبارات.
2- الحفاظ على المباني والمراكز الحكومية المزعومة.
5- المحاكم والشرطة الدينية:
– تمويل “شرطة الحسبة”.
-رواتب القضاة والمفتين وموظفي المحاكم.
6-الخدمات الاجتماعية:
– توزيع المواد الغذائية، تقديم الخدمات الصحية، ورعاية الأيتام.
-تم استغلال هذه الخدمات لأغراض دعائية.
7-إعادة بناء الطرق والبنى التحتية:
-إصلاح وتنظيف الطرق في المناطق التي تسيطر عليها.
-توفير محدود للكهرباء والمياه.
8-جهاز التجسس والأمن:
– تمويل الجواسيس والعملاء وشبكات الاستخبارات الداخلية.
9-التعليم والمدارس الدينية:
-نشر الأيديولوجيا المتطرفة في المدارس الواقعة تحت سيطرتهم.
– احتجاز وتجارة الأسرى:
10 – إدارة السجون وابتزاز الأموال من خلال خطف الرهائن.
تأثيرات الخُمس:
كان لجمع الخُمس من قبل داعش تأثير كبير على قوتها المالية وانتشارها ونشاطاتها، ومن أبرز هذه التأثيرات:
1- الاستقلال المالي والدخل الثابت: وفر الخُمس مصدر دخل دائم ومستقر لداعش.
2- تأسيس نظام إداري: أنشأت داعش ديوانًا خاصًا لإدارة الخُمس والغنائم (ديوان الغنائم / ديوان المال)، مما عزز من صورتها كدولة مزعومة.
3-تشجيع المقاتلين: تم إبلاغ المقاتلين بأن خمس الغنائم يعود إلى بيت المال فقط، والباقي لهم، مما جذب العديد من الفقراء والعاطلين والمتطرفين للالتحاق بهم.
4-أداة دعائية: استخدمت داعش جمع الخُمس كـ”حكم شرعي” لإظهار نفسها كخلافة إسلامية مشروعة، ولإقناع العامّة بأنها تطبق أحكام القرآن.
5- إضفاء الشرعية على النهب والسرقة: كانت داعش تصادر جميع أنواع الممتلكات تحت مسمى الخُمس، مما دمر الاقتصاد المحلي وأرعب السكان ونهب ممتلكاتهم.
6-التغلب على العقوبات الدولية: بما أن الخُمس كان يُجمع نقدًا أو عينيًا، لم تؤثر عليه العقوبات المالية العالمية كثيرًا، وظل نظامها المالي مستقلًا نسبيًا.