في سلسلة مزايا النظام الإسلامي، هناك مزايا أخرى نذكر منها ما يلي:
٥) النظام الإسلامي نظام عالمي:
إن برنامج الإسلام برنامج عالمي، وُضع لكل البشرية، ولكل الأمم والطبقات والمسؤوليات، وليس محدودًا بفترة زمنية معينة أو فئة مخصوصة، بل هو نظام حياة كامل للإنسانية جمعاء، باقٍ إلى يوم القيامة لهداية البشر.
إن الإسلام يريد من المسلمين أن يقيموا نظامًا إسلاميًا عالميًا يوحّدهم كأمة واحدة، وهذا لا يتحقق إلا من خلال العمل المشترك، والوحدة، والطاعة. وقد بين الله جل جلاله في آيات متعددة من القرآن الكريم هذه الحقيقة: أن النظام الإسلامي نظام عالمي.
قال تعالى:
﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ١٥٨]
وقال تعالى:
﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩]
وقال تعالى:
﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: ١٠٧]
وقال تعالى:
﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾ [التكوير: ٢٧]
وقد قال النبي ﷺ:
«وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصةً، وبُعثتُ إلى الناس عامةً»
ولما كان الإسلام نظامًا عامًا كاملًا، لا يقبل النسخ ولا التبديل ولا التحريف، كان من مقتضياته أن يكون صالحًا للتطبيق في كل زمان ومكان. وقد قال الله جل جلاله عن اليهودية والنصرانية اللتين خُصَّتا ببني إسرائيل:
﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾
فالإسلام لم يأتِ لأمة مخصوصة أو حقبة معينة، بل للبشرية كلها، ونظامه السياسي كذلك عالمي وشامل وأبدي؛ لأن جميع البشر عباد لله ويحتاجون إلى هدايته وتشريعه.
٦) النظام الإسلامي نظام متوازن وسط:
من خصائص الإسلام أنه دين الوسطية والاعتدال، قال الله تعالى:
﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣]
فالإسلام دين الاعتدال في العقيدة، والعبادة، والأخلاق، والقيم الاجتماعية، والفكر، وحتى في النظام السياسي، على عكس بعض الأنظمة التي تقوم إما على الإفراط كالدكتاتورية المطلقة، أو على التفريط كالديمقراطية المطلقة.
فالإسلام لا يقبل أن يكون الحكم مطلقًا بيد فرد واحد كما في الاستبداد، ولا أن يُترك للناس أن يقرروا كل شيء بلا قيد كما في الديمقراطية المطلقة. بل في الفكر السياسي الإسلامي، يُعيَّن الحاكم من قبل «أهل الحل والعقد»؛ وهم أهل العلم والتقوى والكفاءة.
قال النبي ﷺ: «خَيْرُ الأُمُورِ أَوْسَطُهَا» (رواه البيهقي وغيره)
وبناءً عليه، فإن النظام الإسلامي نظام خالٍ من الإفراط والتفريط، قائم على العلم والشورى، لا استبدادي ولا مطلق الشعبوية، بل يرتكز على مشورة ذوي الكفاءة والاختصاص. وغاية هذا التوازن أن يتحقق العدل، ويُحفظ النظام، ويبقى الدين صالحًا للتطبيق في كل زمان ومكان.


















































