تُعتبرُ التطرف والتنظيمات التكفيرية مثل داعش من أكثر القضايا تعقيداً وحساسية في عالم اليوم، ولأسباب متعددة، ينجذب الكثير من الأفراد إلى هذه الجماعات، وبعد انضمامهم يصعب عليهم العودة إلى الحياة الطبيعية ويشعرون بأن طريق الرجوع مغلق.
في الأصل، يقع هؤلاء الأشخاص ضحية لغسل الدماغ والتلقين الفكري، ولذلك، تتطلب إعادة تأهيلهم وعودتهم إلى الحياة العادية إستراتيجيات فعالة وعملية وحكيمة. أثبتت التجارب الناجحة أن النجاة ممكنة من خلال التخطيط المنظم والإجراءات التطبيقية.
فيما يلي بعض الطرق المهمة لتحرير أسرى الفكر لدى داعش:
إصلاح الأفكار والمفاهيم الإسلامية:
البرامج التعليمية والتوعوية تُعد وسيلة فعالة لإصلاح فكر هؤلاء الأسرى، حيث تُوفر فهماً صحيحاً لتعاليم الإسلام. الكثير منهم ضللتهم تفسيرات مغلوطة ومحرّفة للنصوص الدينية، لذا يجب تقديم تفسيرات صحيحة، منطقية ومتوازنة للقرآن والسنة بمساعدة علماء معتدلين موثوقين.
ويُساعد عقد مجالس علمية حوارية ولقاءات نقاشية على إزالة الشكوك العقلية تدريجياً وتصويب معتقداتهم وأفكارهم نحو الطريق الصحيح.
الحوار البناء والتواصل الفعّال:
من أساسيات النجاة من التطرف إقامة حوار بناء وتواصل رحيم مع هؤلاء الأفراد. يجب أن يتحلى النقاش بالمنطق والصبر والاحترام، لأن السلوك القاسي أو المهين يعزز النزعات المتطرفة. لذا، من الضروري إزالة الشبهات الفكرية بصبر وحكمة، وتوضيح الأخطاء الفكرية بدلائل راسخة ومراجع موثوقة، ليتمكنوا من إدراك الحقيقة والتخلي عن معتقداتهم الضالة.
تقديم بدائل إيجابية:
عرض نماذج عملية من مسلمين معتدلين وناجحين يكون له أثر كبير. عندما يرون أن الاعتدال يمكن أن يؤدي إلى حياة مباركة وذات معنى، وأن بإمكانهم لعب أدوار اجتماعية وروحية فاعلة بدون عنف أو تطرف، يتحفزوا لترك الأفكار المتطرفة. قصص شخصيات تاريخية ومعاصرة اتسمت بالإيمان والاعتدال لا توفر فقط الإرشاد بل تمنح الأمل والبدائل العملية. هذه النماذج تفتح دروب الاقتداء وتسهل العودة إلى الحياة الطبيعية.
العلاج النفسي المتخصص:
من الطرق الأساسية توفير استشارات وعلاج نفسي متخصص. الكثير من هؤلاء الأفراد يعانون من مشكلات نفسية شخصية مثل الحزن، نقص الثقة بالنفس، أو أزمة هوية، أو يمرون بأزمات حياتية دفعتهم نحو التطرف. يقوم الأخصائيون النفسيون بتحديد جذور هذه المشكلات، ومن ثم علاجها عبر جلسات مخصصة، مما يساهم بشكل كبير في التحرر من التطرف. في العراق وسوريا، حققت الطرق النفسية والعلمية نجاحات ملحوظة في إعادة دمج أعضاء داعش السابقين في المجتمع.
تأسيس شبكات دعم:
تشكيل مجموعات دعم من أشخاص كانوا سابقاً متطرفين وعادوا إلى الحياة الطبيعية يعدّ طريقة مؤثرة للغاية.
بخبراتهم المشتركة، يستطيع هؤلاء التأثير إيجابياً على المنضمين الجدد ومساعدتهم على التخلي عن الأفكار المتشددة.
كما تلعب برامج التدريب المهني والتوظيف دوراً مهماً في إعادة دمجهم. فالعديد انضموا إلى داعش بسبب الفقر والبطالة، وتوفير فرص تعلم المهارات والعمل يساعد في رسم مستقبل مشرق لهم.
كل هذه الطرق مجربة في مختلف أنحاء العالم وأظهرت نتائج إيجابية على أسرى الفكر من الجماعات المتطرفة.
رغم صعوبة إعادة تأهيل المتورطين في داعش، فإن التخطيط العلمي المنظم والإرادة القوية يجعل ذلك ممكناً. يمكن عبر الجمع بين الأساليب التعليمية، النفسية، الاقتصادية والاجتماعية إنقاذ حياة الملايين من المتأثرين بالفكر الداعشي وإعادتهم إلى حضن المجتمع.


















































