داعش وإعلان الخلافة ونتائجها! الجزء الأول 

وليد نظام

الخلافة بحد ذاتها قضية عظيمة، وتولي منصب الخليفة ليس مسؤولية سهلة، بخلاف ما يدّعيه خوارج داعش. لقد استعملت هذه الجماعة الإرهابية رايتها السوداء التي زينتها بالشهادتين، في أعمال وممارسات ألحقت الضرر بقدسية الخلافة والخليفة معًا.

في بداية إعلان الخلافة، كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية، في تقرير بحثي لها، أن أبا بكر البغدادي بذل، بصفته زعيم داعش، جهدًا متواصلاً دام أربعة عشر شهرًا؛ لكي يقنع داعميه السريين بأن يسمحوا له بإعلان نفسه خليفة، ويظهر أمام العالم كشخصية قوية، ليس كأمير للمؤمنين فحسب، بل كخليفة للمسلمين جميعًا. ولهذا الغرض، أعلن عن قيام الخلافة عبر لسان المتحدث الرسمي باسم الجماعة، أبي محمد العدناني، وأعلن نفسه “خليفة واجب الطاعة”.

ظاهريًا، كانت هذه محاولة لإحياء الخلافة الإسلامية التي أسقطها مصطفى كمال أتاتورك قبل نحو قرن من الزمان. وقد أعلن أنصار البغدادي عن إسقاط حدود “سايكس–بيكو” الاستعمارية، واعتبروا أن الدولة الجديدة التي أقاموها هي الخلافة الإسلامية، وأن جميع المسلمين يجب أن يكونوا ضمن جغرافيتها السياسية.

وفقًا لداعش، كان بيعة الخليفة واجبة على كل مسلم، ومن يمتنع عنها يعد مجرمًا ويستحق العقوبة. وقد قال العدناني في أحد خطاباته حينها: “ندعوكم للانضمام إلينا في هذا المشروع، ومن يعترض أو يرفض، فجزاؤه أن يُقطع رأسه”.

لاحقًا، أصدر بعض العلماء السلفيين المؤيدين لداعش فتاوى وبيانات لدعم هذه اللعبة السياسية، وزعموا أن هدف الخلافة هو توحيد الحدود والأنظمة الاقتصادية للدول الإسلامية، وتحويل المسلمين مستقبلاً إلى قوة عالمية من خلال تأسيس المراكز العلمية والجامعات والمصانع، وأن الخليفة سيكون حاكمًا مطلقًا للأمة، لا مجرد زعيم مؤقت لإدارة شؤون حكومة معينة.

لكن الواقع أن داعش كانت في جوهرها جماعة مخادعة ونهّابة؛ فخلافتها وخليفتها كانا زائفين.

ادعاءاتهم بتحرير الأسرى، وتعيين الولاة والقضاة، ونشر وتعليم العلوم الدينية، لم تكن إلا أكاذيب. أما الحقيقة الوحيدة، فكانت ابتزاز الناس وجمع الأموال تحت مسمى الضرائب. لم يتمكنوا حتى من تحمل آراء العلماء الكبار في العراق والشام؛ بل كان النقد والمعارضة في عرفهم جريمة تستوجب القتل.

حتى إن خليفتهم لم يتقدم بنفسه للبيعة أمام أفراده، لأن الثقة كانت معدومة بينهم.

في المقابل، صرح عبد الله عزام ( عضو ساخط في داعش) في لبنان قائلاً: إن إعلان الخلافة في هذا الوقت لا يحقق أي منفعة أو مصلحة للإسلام، بل سيتسبب بأضرار جسيمة، مضيفًا أن إلغاؤه السريع سيكون خيرًا للإسلام والمسلمين. كما وصف شيخ سلفي آخر مؤتمر داعش بأنه “مؤتمر الحماقة”، وقال إن هذا النظام لا يرقى حتى إلى مستوى دولة عادية؛ إذ يفتقر إلى الخبراء الاقتصاديين والتربويين، ولا يقوم إلا على العمليات الانتحارية التي تشتت صفوف المسلمين.

وقد قال آخرون: ليست هذه خلافة، بل خطة للسيطرة على مناطق النفط في العراق وسوريا ونهبها.

Exit mobile version