في السنوات الأخيرة، وخاصة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، أولى أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي (رحمه الله) اهتمامًا كبيرًا لقضية “الولاء والبراء”، وهو ما يتجلى بوضوح في فكرهم ودعوتهم.
كان هناك بعض المسلمين العرب الذين ساعدوا الجيش العثماني في مقاومة آل سعود، فاعتبرهم أتباع الوهابية مرتدين، حيث كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه يرون أن العثمانيين كانوا مشركين وأن الدولة العثمانية لم تكن دولة إسلامية بل “دولة وثنية” أو “دولة كافرة”.
وقد صدرت فتاوى ومواقف كثيرة من مؤسسي الحركة الوهابية وقادتها في تلك الفترة تؤكد هذا الموقف التكفيري تجاه الدولة العثمانية. وقد ناقش ذلك الكاتب الوهابي المعاصر ناصر بن حمد الفهد في مقاله “الدولة العثمانية وموقف دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب منها”.
وتُظهر مؤلفات وأبحاث معظم علماء وكتاب الوهابية أن موقفهم كان دائمًا تكفيريًا تجاه الدولة العثمانية.
لكن هناك علماء مجاهدون معاصرون ووسطيون من الوهابية الذين يهتمون بقضايا الأمة الإسلامية ويؤمنون بأهمية الوحدة الإسلامية في مواجهة الطواغيت المعاصرين، ولديهم فهم سياسي وجهادي للموقف، حيث يرون أن سقوط الدولة العثمانية قد خدم الاستعمار الصليبي والعالمي، وجعل الأمة الإسلامية عرضة للتفكك والسيطرة من القوى الاستعمارية.
رغم الكثير من الضعف الذي أصاب الدولة العثمانية في تلك الفترة، كانت آخر مرجعية للأمة الإسلامية وأملها الأخير. وكان هناك محاولات من القوى الكافرة لتدمير هذه المرجعية، فكان هدفهم تقسيم العالم الإسلامي إلى كيانات صغيرة، والسيطرة على موارده الطبيعية، وفرض القوانين الكفرية بدلاً من الشريعة الإسلامية.
مساعدة الكفار على المسلمين – الشيخ محمد بن عبد الوهاب
اعتبر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مساعدة الكفار على المسلمين من نواقض الإيمان، وجعل ذلك في رسالته حول “نواقض الإيمان” في النقطة الثامنة، حيث قال:
“(الثامن) مساعدة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَّتَوَلَّهُمْ مِّنْكُمْ فَإِنَّهُۥ مِّنْهُمْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾”
لكن مع ذلك، رغم أن مساعدة الكفار ضد المسلمين قد تكون عملًا إجراميًا وخطيرًا، فإنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الفعل كفرًا في نظر السلف، وخاصة إذا لم يكن ناتجًا عن فساد عقائدي، بل قد يكون نتيجة لدوافع أخرى. وبالتالي، فإن الحكم التكفيري على هذا الفعل ليس مطلقًا، وهو ما يخالف ما ذهب إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في بعض آرائه.