الرد الشرعي على دعاية وانتقادات داعش ضد إمارة الإسلام! الجزء الثاني عشر

الشيخ أحمد علي

#image_title

نقل إجماع الإمام الطحاوي رحمه الله حول مساعدة الكفار والتعاون معهم ضد المسلمين، أو ما يُسمى “المظاهرة على المسلمين”:

نقل الإمام الطحاوي رحمه الله إجماعًا حول شخص يدعي أنه مسلم لكنه يتعاون مع الكفار ضد المسلمين، أي يقوم بالتجسس لصالحهم. يقول هذا الشخص أنه لن يُقتل لأنه مسلم، كما ذكر ابن حجر رحمه الله في كتابه “فتح الباري” في الجزء الثاني عشر، في الصفحة 310، عن حادثة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه: وَفِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ كَفَّرَ الْمُسْلِمَ بِارْتِكَابِ الذَّنْبِ وَعَلَى مَنْ جَزَمَ بِتَخْلِيدِهِ فِي النَّارِ، وَعَلَى مَنْ قَطَعَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يُعَذَّبَ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ الْخَطَأُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْحَدَهُ، بَلْ يَعْتَرِفُ وَيَعْتَذِرُ، لِئَلَّا يَجْمَعَ بَيْنَ ذَنْبَيْنِ، وَفِيهِ جَوَازُ التَّشْدِيدِ فِي اسْتِخْلَاصِ الْحَقِّ وَالتَّهْدِيدِ بِمَا لَا يَفْعَلُهُ الْمُهَدِّدُ تَخْوِيفًا لِمَنْ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الْحَقُّ، وَفِيهِ هَتْكُ سِتْرِ الْجَاسُوسِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ يَرَى قَتْلَهُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ لِاسْتِئْذَانِ عُمَرَ فِي قَتْلِهِ، وَلَمْ يَرُدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، إِلَّا لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَيَّدَهُ بِأَنْ يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَالْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَامُ، وَقَدْ نَقَلَ الطَّحَاوِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْجَاسُوسَ الْمُسْلِمَ لَا يُبَاحُ دَمُهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْأَكْثَرُ يُعَزَّرُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْهَيْئَاتِ يُعْفَى عَنْهُ، وَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُوجَعُ عُقُوبَةً وَيُطَالُ حَبْسُهُ، وَفِيهِ الْعَفْوُ عَنْ زَلَّةِ ذَوِي الْهَيْئَةِ. الإمام الرازي رحمه الله:

يقول الإمام الرازي رحمه الله في تفسيره الكبير، الجزء الثامن، الصفحة 192: “إن صداقة المسلم للكافر لها ثلاث حالات:

 

الحالة الأولى: أن يكون المسلم يتخذ الكافر صديقًا بسبب كفره، ويكون راضيًا بكفره. وهذه الصداقة تعتبر كفرًا، لأن هذا المسلم يثبت الدين الكفري ويُقرّ به ويُحبّه، وهو ما يُعدّ كفرًا.

 

الحالة الثانية: أن يكون المسلم يظهر حسن المعاشرة والعيش الاجتماعي مع الكفار في الدنيا، وهذا جائز.

 

أما الحالة الثالثة: فهي بين هاتين الحالتين، لا هي كفر ولا هي جائزة، بل هي محرمة؛ حيث يتعاون المسلم مع الكفار ضد المسلمين بدافع من الحب أو القرابة أو الروابط العائلية، مع الاعتقاد بأن دين الكافر باطل. كما يقول الإمام الرازي رحمه الله: وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ الْمُؤْمِنِ مُوَالِيًا لِلْكَافِرِ يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ رَاضِيًا بِكُفْرِهِ وَيَتَوَلَّاهُ لِأَجْلِهِ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُصَوِّبًا لَهُ فِي ذَلِكَ الدِّينِ، وَتَصْوِيبُ الْكُفْرِ كُفْرٌ وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ كُفْرٌ، فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَبْقَى مُؤْمِنًا مَعَ كَوْنِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.

فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَهَذَا لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ هَذِهِ الْآيَةِ، لِأَنَّهُ تعالى قال: ﴿يٰۤاَيُّهَا الَّذِيْنَ اٰمَنُوْا﴾ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ خِطَابًا فِي شَيْءٍ يبقى المؤمن معه مؤمناو ثانيها: الْمُعَاشَرَةُ الْجَمِيلَةُ فِي الدُّنْيَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ مِنْهُ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ كَالْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ هُوَ أَنَّ مُوَالَاةَ الْكُفَّارِ بِمَعْنَى الرُّكُونِ إِلَيْهِمْ وَالْمَعُونَةِ، وَالْمُظَاهَرَةِ، وَالنُّصْرَةِ إِمَّا بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ، أَوْ بِسَبَبِ الْمَحَبَّةِ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ دِينَهُ بَاطِلٌ فَهَذَا لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ إِلَّا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بِهَذَا الْمَعْنَى قَدْ تَجُرُّهُ إِلَى اسْتِحْسَانِ طَرِيقَتِهِ وَالرِّضَا بِدِينِهِ، وَذَلِكَ يُخْرِجُهُ عَنِ الْإِسْلَامِ فَلَا جَرَمَ هَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ فَقَالَ: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ. ترجيح الصحابة رضي الله عنهم بين الروم والفارسيين:

 

ملاحظة: يعتبر الكفر عندما يُستحسن أو يُرضى دين الكفار، في حال كان هذا الاستحسان والرضا في مقابل الإسلام. أما إذا كان في مقابل دين آخر من الأديان الكفرية، فلا يعد كفرًا. كما في حالة الحرب بين الروم والفرس، عندما كان المسلمون في مكة يفرحون لانتصار الروم، لأنهم كانوا من أهل الكتاب.

 

وكانت هذه العقيدة مقبولة في يوم القيامة، حيث كان المشركون يفضلون انتصار الفرس، لأن الفرس كانوا مجوسًا، مشركين، ولم يكن لهم دين سماوي كما كان حال المشركين. كما أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث بعد الموت (القيامة).

 

وقد نقل الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنه قائلًا: قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿الٓـمّٓ ١ غُلِبَتِ الرُّوْمُ ٢ فِىْۤ اَدْنَى الْاَرْضِ﴾ قَالَ: غَلَبَتْ وَغُلِبَتْ، قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ يَظْهَرَ أَهْلُ فَارِسَ عَلَى الرُّومِ، لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ.

و يذكر في موضع آخر: عَنْ نِيَارِ بْنِ مُكْرَمٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿الٓـمّٓ ١ غُلِبَتِ الرُّوْمُ ٢ فِىْۤ اَدْنَى الْاَرْضِ وَهُمْ مِّنْۢ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُوْنَ ٣ فِىْ بِضْعِ سِنِيْنَ﴾ وَكَانَتْ فَارِسُ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَاهِرِينَ لِلرُّومِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ ظُهُورَ الرُّومِ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وَفِي ذَلِكَ نَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَّفْرَحُ الْمُؤْمِنُوْنَ ٤ بِنَصْرِ اللّٰهِؕ يَنْصُرُ مَنْ يَّشَآءُؕ وَهُوَ الْعَزِيْزُ الرَّحِيْمُ﴾ وَكَانَتْ قُرَيْشُ تُحِبُّ ظُهُورَ فَارِسَ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ وَلَا إِيمَانٍ بِبَعْثٍ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَصِيحُ فِي نَوَاحِي مَكَّةَ: ﴿الٓـمّٓ ١ غُلِبَتِ الرُّوْمُ ٢ فِىْۤ اَدْنَى الْاَرْضِ وَهُمْ مِّنْۢ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُوْنَ ٣ فِىْ بِضْعِ سِنِيْنَ﴾. موافقة الصحابة رضي الله عنهم للروم في مقابلتهم للفرس بسبب دينهم:

 

في هذا السياق، كان المسلمون يفضلون انتصار الروم على الفرس بسبب دين الروم، حيث كانوا ينتمون إلى دين سماوي وإلى كتاب سماوي، وكانوا يؤمنون بالبعث بعد الموت. وكان المسلمون أيضًا ينتمون إلى دين سماوي وإلى كتاب سماوي، ويؤمنون بالبعث بعد الموت. وكانت هناك بعض المشتركات الدينية بين الروم والمسلمين التي لم تكن موجودة بين الروم والفرس، لأن الفرس كانوا مجوسًا. لذا، إذا كانت هناك نوع من التعاطف والتآزر من الصحابة مع الروم بسبب دينهم، فهذا كان في مواجهة دين كفري آخر، وهو المجوسية التي كانت دين الفرس، وليس في مواجهة دين الإسلام. لأن إظهار المحبة والتعاطف مع أي دين كفري في مواجهة الإسلام يعد كفرًا صريحًا.

 

ومن هذه المشتركات الطبيعية والفطرية التي نشأت في التعاطف مع الروم ضد المجوس، جاء في بعض الروايات أن الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان يعبر عن الروم بـ “إخواننا” (أي إخوتنا) في مقابل المجوس.

 

أما بالنسبة للروم الذين كانوا نصارى، فقد كان تعاطف الصحابة معهم بسبب دينهم، وكان هذا التعبير بـ “إخواننا” نابعًا من دينهم. ولكن يجب أن يكون واضحًا أن هذا كله كان في مقابل دين كفري باطل آخر، وهو دين المجوس الفارسي، وليس في مقابل دين الإسلام. لأن إظهار التعاطف والمحبة لأي دين كفري في مقابل الإسلام يعد كفرًا واضحًا.

 

كما ذكر العلامة الآلوسي رحمه الله في تفسيره “روح المعاني” عند تفسيره لسورة الروم: روي أن فارس غزوا الروم فوافوهم بأذرعات وبصرى، فغلبوا عليهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه وهم بمكة، فشق ذلك عليهم، وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم، وفرح الكفار بمكة وشمتوا، فلقوا أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فقالوا:

 

إنكم أهل كتاب، والنصارى أهل كتاب، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب، وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم، فأنزل الله تعالى: ﴿الٓـمّٓ ١ غُلِبَتِ الرُّوْمُ ٢﴾ الآيات، فخرج أبو بكر رضي الله تعالى عنه إلى الكفار، فقال: أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا، فلا تفرحوا ولا يفرسنّ الله تعالى عينكم، فوالله! ليظهرنّ الروم على فارس. أخبرنا بذلك نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم.

و يذكره ابن كثير في تفسيره في سورة الروم: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الٓـمّٓ ١ غُلِبَتِ الرُّوْمُ ٢ فِىْۤ اَدْنَى الْاَرْضِ﴾ قَالَ: غُلِبَتْ وَغَلَبَتْ، قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسُ عَلَى الرُّومِ؛ لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ أَوْثَانٍ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ. و يذكر في صفحة تالية أن المسلمين كانوا يتمنون أن يغلبوا الروم على الفرس ثم يستشهد بقول ابن مسعود رضي الله عنه: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ: كَانَ فَارِسُ ظَاهِرًا عَلَى الرُّومِ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ فَارِسُ عَلَى الرُّومِ. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَهُمْ أَقْرَبُ إِلَى دِينِهِمْ. قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ نِيَارِ بْنِ مُكْرَمٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ ﴿الٓـمّٓ ١ غُلِبَتِ الرُّوْمُ ٢ فِىْۤ اَدْنَى الْاَرْضِ وَهُمْ مِّنْۢ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُوْنَ ٣ فِىْ بِضْعِ سِنِيْنَ﴾ فَكَانَتْ فَارِسُ يَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَاهِرِينَ لِلرُّومِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ ظُهُورَ الرُّومِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ، وفي ذلك قوله الله: ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَّفْرَحُ الْمُؤْمِنُوْنَ ٤ بِنَصْرِ اللّٰهِؕ يَنْصُرُ مَنْ يَّشَآءُؕ وَهُوَ الْعَزِيْزُ الرَّحِيْمُ ٥﴾ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُحِبُّ ظُهُورَ فَارِسَ، لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ لَيْسُوا بِأَهْلِ كِتَابٍ، وَلَا إِيمَانٍ بِبَعْثٍ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ، خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ يَصِيحُ فِي نَوَاحِي مَكَّةَ ﴿الٓـمّٓ ١ غُلِبَتِ الرُّوْمُ ٢ فِىْۤ اَدْنَى الْاَرْضِ وَهُمْ مِّنْۢ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُوْنَ ٣ فِىْ بِضْعِ سِنِيْنَ﴾. هدف هذه الروايات:

 

الهدف من هذه الروايات هو أنه إذا أظهر شخص ما محبة لدين أو نظام كفري في مقابل دين أو نظام كفري آخر، أو طلب ذلك، فلا يعد كفرًا. ولكن إذا أظهر هذه المحبة أو طلبها في مقابل دين الإسلام، فهذا يعد كفرًا. على سبيل المثال، في الهند، بعض من كبار العلماء مثل شيخ الإسلام حضرت مولانا حسين أحمد مدني (رحمه الله) وآخرين، الذين يؤيدون العلمانية في الهند.

 

العلمانية هي كفر، ولكن علماء الهند والمسلمون العامون الذين يدعون إلى العلمانية أو يظهرون نوعًا من المحبة والتعاطف أو الولاء معها، فإنهم يفعلون ذلك في مواجهة الهندوسية، وليس في مواجهة الإسلام. لأن في الهند العلمانية، هناك حد ما من إمكانية الحفاظ على مساجد المسلمين ومدارسهم ومراكزهم الدينية والإصلاحية والإرشادية. بينما في الهندوسية، كل هذه الأشياء مهددة بالخطر، ولا يوجد أي طريق قانوني لحمايتها أو ضمان سلامتها.

 

مثلما في بعض الدول الإسلامية، تسعى بعض الأحزاب الإسلامية من خلال النظام الجمهوري إلى تحقيق النظام الإسلامي أو الحفاظ على القيم الإسلامية، وعندما تكون القيم والمقدسات الإسلامية مهددة، فإنهم يقومون بثورات سلمية شعبية أو يتعاملون مع المحاكم تحت النظام الجمهوري، مما يضع ضغطًا على الحكومات، وفي هذه الطرق الجمهورية يحاولون الحفاظ على القيم والمقدسات الإسلامية، وهو أمر يكون أصعب في الأنظمة الشخصية أو العسكرية. لذلك، يرفعون شعارات أنهم يريدون جمهورية في بلادهم.

 

إذا رفع أحد هذه الشعارات في مواجهة الإسلام، فهذا يعد كفرًا صريحًا وواضحًا. مثل بعض الأحزاب العلمانية التي تعتبر الإسلام دينًا فرديًا، ولا تقبل به كنظام، ولا تطالب به كنظام، بل هم يطالبون بنظام جمهوري حر، يكون فيه القانون غير مرتبط بأي دين أو مذهب، بل يكون المعيار هو الأغلبية البرلمانية.

 

 

Exit mobile version