في التاسع من شهر سنبله عام 1400هـ، لم يكن ذلك اليوم مجرد نهاية الاحتلال وخروج آخر جندي أمريكي من أفغانستان بشكل مخزٍ، بل كان يوماً كُشف فيه الستار عن فصل مظلم من التاريخ المعاصر للبلاد. فقد أظهرت الشواهد والوثائق التاريخية أن الولايات المتحدة الأمريكية، تحت ذريعة “مكافحة الإرهاب”، كانت داعماً خفياً لتنظيم داعش الإرهابي في أفغانستان.
خلال العشرين عاماً من الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان، توسعت أنشطة تنظيم داعش الإرهابي بشكل مثير للشبهات، إذ لم يكن للتنظيم أي وجود مؤثر قبل عام 2014، لكنه فجأةً أصبح بين عامي 2015 و2019 أحد التهديدات الأمنية الرئيسية في البلاد.
وعلى عكس الادعاءات الكاذبة لواشنطن حول “محاربة الإرهاب”، لم تنفذ القوات الأمريكية أي عمليات فعالة ضد داعش، بل استهدفت غاراتها الجوية في كثير من الأحيان مناطق تسيطر عليها قوات الإمارة الإسلامية التي كانت تقاتل لتحرير البلاد. وأفادت تقارير ميدانية من شرق أفغانستان أن القوات الأمريكية وفرت للتنظيم فرص التوسع من خلال خلق عقبات مصطنعة أمام تقدم مجاهدي الإمارة الإسلامية.
الوثائق التي نشرتها صحف دولية موثوقة أظهرت أن البنتاغون والقوات الأمريكية كانوا يبالغون عمداً في الترويج لتهديد داعش لتبرير وجودهم العسكري، بينما كانوا في الواقع يقدّمون له الدعم الخفي.
وبعد هزيمة أمريكا والناتو والخروج المخزي لآخر جنودها في التاسع من سنبله 1400هـ، انكشفت حقائق مذهلة: انخفاض كبير في هجمات داعش الإرهابية، تدمير شبكاتها اللوجستية، وتسريب وثائق تظهر تعاوناً بين بعض المسؤولين الأمريكيين وقادة داعش. وكل ذلك أكد أن مصدر قوة داعش كان الدعم الأمريكي السري.
كان داعش قوياً فقط عندما كانت أمريكا تدعمه. وانتهاء وجودها العسكري لم يكن مجرد رحيل مادي، بل فشل كبير لمشروعها الجيوسياسي في المنطقة.
لذلك، أثبتت أحداث التاسع من سنبلة أن الولايات المتحدة لم تكن تقاتل الإرهاب، بل كانت من صانعيه. أرادت من خلال تأسيس داعش تحويل أفغانستان إلى قاعدة للسيطرة الإقليمية، لكن مقاومة الشعب الأفغاني و الانسحاب الفاضح للولايات المتحدة شكّلا النهاية المرة لهذا المخطط الخبيث.
واليوم، تسير أفغانستان نحو مستقبل حر بلا أمريكا ولا داعش، ليبقى ذلك اليوم شاهداً على أن أي قوة عظمى لا يمكنها إخضاع أرض حرة عبر الإرهاب.


















































