نذكر في هذه المقالة بطولات ومكاسب جهادية للشهيد السعيد أبي يوسف -رحمه الله- فمكاسبه كثيرة يمكن أن يؤلف عنه كتاب. يصادف اليوم ١٤/٧/١٤٠٣ ذكرى استشهاده.
فأخذت قلمًا بيدين مرتعشتين لأكتب عنه شيئًا، لأضع أمامكم اليوم أحد أهم مكاسب الشهيد مكسب لن ينسى له التاريخ الأ هو تمكنه من كسر سجن غزنة.
كنت مسؤولاً عن الثوار والمجموعة المقاتلة في وسط مدينة غزنة، وفي يوم من الأيام ذهبنا إلى المسجد في قرية جوريان، وهناك التقينا بالشهيد أبي يوسف أمام المسجد، وأشار لي بالذهاب إلى إحدى حدائق القرية، فأخذت البندقية بيدي ومشيت معه.
في الطريق، أسمعني قصيدة بالبشتو وقال: إلهي، أي رزق منحتني؟ لقد فتّحت أصدقائي كالزهور (رزقتهم الشهادة)، ولا أزال أنا قائم على قدم وساق (أي أنا حي)! أنشد القصيدة وضحك ثم قال لي: هل فهمت القصيدة؟ وقبل إجابتي قال لي؛ أقصد بهذه القصيدة الشهادة، استشهد الكثير من أصدقائي، وأنا لا أزال على قيد الحياة.
لما سمعت هذا الكلام للشهيد الشجاع تألم قلبي، وقلت في نفسي: إن هذا الحلم ليس يساوي إلا أن نكون جميعا أيتاما، وعندما وصلنا إلى المكان المحدد، جلس على كومة تراب، وقال لي: في قلبي خطة، إن جعل الله فيها نجاحا، فستكون ممتعة للغاية، وأنا على يقين من ذلك وبأن الله تعالى سيجعلها ناجحة، وأنا كنت أتساءل في نفسي ما هي الخطة؟
فابتسم على حيرتي، وقال: خطتي هي كسر سجن غزنة وتحرير المجاهدين.
وقال سلم لي صديقك (كالا عمر) الذي كان معي على الدراجة النارية، مناسب لهذا العمل ، وأخبرني أن عمر خبير في معرفة الطرقات والأماكن وتنظيم العمليات، وبمجرد أن يعبر طريقا لن ينساه أبدا، ثم ذكر قصة عنه.
على كل اجتنب من ذكر تفاصيل هذا الانجاز وفيما يلي أعرض شطرا منها باختصار:
خطة العمليات:
من الأسرار المهمة لنجاح هجمات الشهيد أبو يوسف تقبله الله أنه كان شديد الحذر في عملياته، وكان قد أقضى في تخطيط عملياته مدة أسبوعين إلى أن أكمها، وقام في اليوم الأخير، في وقت مبكر من الصباح، ركب سيارة عامة وقام بتفتيش شامل للمنطقة المحيطة بالسجن من أجل التأكد من الهجوم.
الاستعداد للهجوم:
كانت غزنة وباكتيكا على جانب الطريق حيث كان هناك العديد من المواقع العسكرية، وكان هناك الكثير من حركة مرور العدو، لذلك كان من الواضح أن هناك ما يكفي من المشقة والتضحيات في هذا الهجوم، فجمع مباشرة بعد التشاور مع كبار الزملاء مثل الشهيد عاكف وناجح مولوي صاحب، زملاء مجموعته، وقال لهم: سنعمل في مكان يكون فيه الاستشهاد أهم من العودة حيا، ومن لا يريد المشاركة فليعد، وأنا لن أكون غاضبا.
رداً على ذلك، وقف جميع الزملاء ملبين دعوته، ولم يرغب عامة المجاهدين الآخرين في عبور الشارع سوى الشهيد أبو يوسف تقبله لأنها كانت المرة الأولى التي يتم فيها مثل هذا الهجوم الواسع النطاق في المدينة.
بداية العمل:
ألقيت كافة مسئولية تدمير الجبل، وتحرير الأسرى على الشهيد الشجاع، وأخبر الشهيد تقبله الله رفاقه أن الفدائيين يقتحمون السجن، وعلى الجانب الأيمن من باب السجن كانت هناك ساحة كبيرة، واستهداف باب السجن كان من مسؤوليتي، وكان معي أيضًا حذيفة الشهيد (منصور سعيد) خبير قذائف 82.
وفقًا للخطة، ستستمر أعمالنا حتى يقدر الفدائي حمل السيارة المفخخة، إلى البوابة المركزية للسجن وتفجيرها، في ذلك الوقت، تم تعيين فاروق أمير على الجانب الأيسر من الباب المركزي للسجن، وكان القائد العسكري لثلاث مقاطعات (زابول، وغزنة، وميدان وردك) هو الشهيد بير آغا صاحب، والذي كانت وحدته مسؤولة عن نصب الكمين، فنصب كمينين قويين، أحدهما للجيش الوطني وكان يعرف باسم (الوحدة) وتم نصب الكمين الثاني بالقرب من قرية بيرزاده.
الجزء الثاني من الخطة:
قام الانغماسيون في المدينة المغاوير بزرع الألغام في أماكن مناسبة لمنع العدو من المساعدة، وكان أمام السجن نهر كبير وفيهم الشهيد أبو يوسف وعاكف الشهيد، والذي كان عنده قذيفة 82، وكان مع الإثنين المجاهدون الفدائيون وسائر الإخوة.
كان هناك طريقا من الشارع إلى السجن، وكان هناك برج كبير في الشارع، وحسب الخطة كان على الشهيد عاكف أن يهاجم بـ82، هذا البرج، وأن يقف حافظ عمر الفدائي عند حاجز سيارته، وسيبدأ الرفاق الآخرون خلف السجن بمهاجمة الحواجز والأبراج، خلال هذه الفترة سيقوم الشهيد أبو بكر الفدائي بتفجير البوابة المركزية والبرج الأمني للسجن بسيارته.
ومن الجدير بالذكر أنه تم تقدير حجم الدمار بما لا يزيد عن المقدار والموقع المذكورين أعلاه، وذلك لوجود خطر سقوط مبان السجناء وقضبان السجون.
قام الشهيد المذكور رحمه الله بترتيب رقم تواصل خاص لكل زميل من زملائه، وأخبر المسؤولين أنه سيتم التواصل بهذا الرقم في التطبيق، بحيث تحدث الشهيد في اللاسلكي وخاطب المجاهدين: أيها المجاهدون هل تسمعونني؟ فتيقن الجميع أن التواصل جيد، فنادى الشهيد رحمه الله وقال: على الإخوة المعينين أن يبدؤوا مهامهم، وبجانب ذلك رفعوا جميعا أصوات التكبير.
بدأ جميع الزملاء مهامهم بأقصى سرعة، فاستهدف الشهيد عاكف هدفه بقذيفة 82، كما تمكن حافظ عمر من إزالة كافة الحواجز أمام الباب المركزي، وعلى الرغم من أن حارس البرج هاجمه بشراسة، إلا أنه وصل إلى هدفه بكل تأكيد،
وبعد ذلك قام المدعو الشهيد رحمه الله بالاتصال بجميع زملائه وأوقف إطلاق النار من البوابة المركزية للسجن، لأن المجاهدين والفدائيين وقتها كانوا يدخلون السجن؟ جدير بالذكر أن من بين السجناء المفرج عنهم أيضًا كان فدائيون تم أسرهم وتعرضوا للتعذيب نتيجة خيانة قائد شرطة ولاية غزنة.
إيقاف حركة العدو:
وفقا لجميع نقاط التفتيش المحددة، تم إبقاء العدو مشغولا للغاية في كل مكان؛ بحيث صاروا يفكرون في إنقاذ حياتهم بدلاً من مساعدة الغير، ومن سلمت إليهم مهمة نصب الكمين، أدوا واجبهم بشجاعة وبأحسن وجه، كما قاموا بتفجيرات في أماكن مختلفة، واستهدفوا أيضا دبابات في منطقة بيرزاده، وقام الانغماسيون أيضا بأنواع من التفجيرات داخل المدينة.
ولكن رغم كمين الأصدقاء، تخلص الكثير من الدبابات من هجوم الأصدقاء، مما أدى إلى محاصرة العديد من رفاقنا بين الدبابات، وكان الشهيد أبو يوسف تقبله الله آخر رفاقي من المجاهدين الذين تمكنوا من الخروج سالمين من بين دبابات العدو.
خطة النجاح:
كانت هذه خطة ناجحة لدرجة أنها لم تستغرق نصف ساعة، ولكن أطلق سراح سراح 450 أسيرًا ببركته، بما في ذلك غالبية المجاهدين، ووفقًا للخطة المعتادة، تم نقلهم جميعا سيرًا على الأقدام ثم لاحقًا بواسطة الشاحنات والسيارات إلى منطقة أندره، وتمت العملية المقررة بنجاح حتى الصباح.
في الختام يجب أن أقول: إن الشهيد أبو يوسف تقبل الله لم يكن يحب الظهور والتباهي رغم إنجازاته العظيمة، وفي صباح اليوم التالي تحدث مع المولوي عبد الهادي زاهد مسؤول منطقة أنداره لتنظيم ملف السجناء، وطمئنهم بأنه سيتم نقلهم إلى أماكنهم، وهذا ما حدث، وتم نقل جميع السجناء إلى منازلهم.
تقبل الله شهادته وأسكنه الفردوس الأعلى.