من صفحات التاريخ؛ الخلافة العثمانية! الجزء السابع و العشرون 

حارث عبیدة

في جميع المناطق والمدن، كانت هناك انتفاضات ضد الحكومة، وكان السلطان محمد الفاتح يشاهد كل ذلك بعينه. فاستغل الفرصة وسخر كل قوته ليُتوَّج بتاج النصر من خلال فتح عاصمة البيزنطيين القسطنطينية، والقضاء على مركز مهم من مراكز الحركات الصليبية المعادية للعالم الإسلامي، تلك الحركات التي كانت مشغولة بالمؤامرات ضد الإسلام منذ زمن بعيد.

وبهذا، ومن خلال هزيمة عموم النصرانية وبالأخص الإمبراطورية البيزنطية، أراد محمد أن يجعل من هذا الموقع عاصمة للدولة العثمانية، ويحقق أحلامه التي عجز عن تحقيقها أسلافه وقادة الجيوش الإسلامية.

فتح القسطنطينية

كانت القسطنطينية من أعظم مدن العالم، وقد أسسها الإمبراطور البيزنطي قسطنطين في سنة 330هـ، وكانت تحظى بمكانة رفيعة جداً حتى قيل فيها: “لو كانت الدنيا كلها دولة واحدة، لكانت القسطنطينية جديرة بأن تكون عاصمتها”.

وعندما أُسِّست، أصبحت عاصمة للبيزنطيين، وظلت من كبريات مدن العالم. وعندما بدأ المسلمون القتال ضد الإمبراطورية البيزنطية، اكتسبت هذه المدينة أهمية خاصة في هذه الحروب، ولهذا السبب بشر النبي محمد صلى الله عليه وسلم عدة مرات أصحابه بفتح هذه المدينة.

وفي غزوة الخندق، وهي حادثة مشهورة، بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً بهذا النصر، ولهذا سعى الخلفاء المسلمون وقادة الجيوش الإسلامية في فترات مختلفة لتحقيق هذا النصر، ليكون لهم شرف تحقيق بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتفتحن القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش».

ومنذ عهد خلافة معاوية رضي الله عنه، أصبحت القسطنطينية هدفاً للجيوش الإسلامية. وقد وقع أول هجوم عليها في سنة 24 هـ، لكنه لم ينجح. ثم شُنَّت عليها عدة هجمات في عهد خلافة معاوية رضي الله عنه لكنها باءت بالفشل أيضاً.

كذلك، حاولت الدولة الأموية فتح القسطنطينية، وكان ذلك من أعظم حملاتها، حيث وقع هذا الهجوم في سنة 98هـ خلال عهد الخليفة سليمان بن عبد الملك.

واستمرت هذه السلسلة من الهجمات على المدينة، وحتى في بدايات الخلافة العباسية شنّت عدة هجمات على الدولة البيزنطية، لكنها لم تُكلَّل بالنجاح.

فلا القسطنطينية سقطت، ولا أُصيبت قواتها الدفاعية بأذى كبير، لكن نعم، تزعزع الحكم البيزنطي وتدهور وضعه الداخلي، لا سيما في عهد الخليفة هارون الرشيد، إذ كان الهجوم الذي وقع في سنة 190هـ سبباً في إضعاف الحكومة البيزنطية.

Exit mobile version