بقلم: طالب العلم صفت الله (سياح)
الدعوات بشكل عام على نوعين أحدهما دعوة عملية، والأخرى دعوة شفاهية وقولية، ولكل دعوة منهما نتائج مختلفة، ولكن نتيجة الدعوة العملية أعظم وأقوى من الدعوة الشفاهية، ولذا يسعى جميع كفار العالم بكل الطرق الممكنة أن يمنعوا قيام النظام الإسلامي، لأنه لو أقيم النظام الإسلامي بالمعنى الحقيقي، فأنظمة المسلمين وقانونهم وما يترتب عليه من إرساء العدالة والأخوة المتبادلة والرحمة بين المسلمين سوف تؤثر العالم أجمع، وتخيب كل أحلام وآمال الأمم التي أنفقت عليها تريليونات الدولارات ليكون بين الناس وبين إسلامهم سد وسترة.
تفكر! لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مكة ثلاث عشرة سنة قبل الهجرة، أسلم مائة أو مائتا شخص، مع أنه كان يدعو ليلا ونهارا، ويدعو دعوة قولية وكان كامل الأخلاق والصدق والأمانة، بحيث شهد مشركو مكة بصدقه وأمانته، رغم ذاك لم يعتنق غالبيتهم الإسلام للدعوة القولية للنبي صلى الله عليه وسلم.
لكن عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، كان في صفه نحو عشرة آلاف من الصحابة، والذين كانوا في القرى هم كانوا قريبا من هذا العدد بعد ثماني سنوات من هجرته، وعندما ذهب إلى تبوك، كان معه ثلاثون ألف مسلم.
لم يذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم للدعوة بعد الهجرة عند أحد مثل أهل الطائف ليعتنقوا الإسلام، لكن الناس حينما رأوا في المدينة المنورة النظام والعدل والأمن والطمأنينة؛ بدؤوا بالانضمام إليهم وقبول الإسلام، وقد اشتدت هذه السلسلة لما كان فتح مكة، ودخل الناس في الإسلام أفواجا.
الآن لو ترك العالم النظام الإسلامي في سلام في أفغانستان، سيكون هناك سلام للشعوب، وستكون أعراضهم آمنة، وستكون ثرواتهم آمنة، وستنتهي لعبة العالم المسماة بالديمقراطية والعلمانية، وسيطالب الشعوف في كل مكان بالنظام الإسلامي.
لكن لمنع هذا غزت الجيوش الدولية أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة، في عام 2021، و جلبوا وأنفقوا مليارات الدولارات هنا من أجل منع عودة النظام الإسلامي، وأحضروا معهم المئات من الجماعات والمؤسسات التبشيرية والدعائية لنشر القيم الغربية تحت مسمى المؤسسات الخيرية وعلى رأسها بعثة الأمم المتحدة والسويد.
ومع كل هذا، فقد وعد الله عباده بالنصر والتأييد الغيبي، والذي فشلت به تكنولوجيا العالم و مؤامراتهم ومخططاتهم أجمع، في حين انتصرعدد قليل من الناس المتفرقين والضعفاء والعاجزين الذين لم يكونوا يمتلكون شيئا من هذه التكنولوجيا، نجحوا في ذلك خلافاً للتوقعات، ومنذ أن رحلت تلك القوى الأجنبية المحتلة، لا يزال العالم متفاجئاً بهذا النصر.
لقد كانت هؤلاء الكفار لديهم دعاية أخرى أيضا وهي أنهم كانوا يسعون مخافة ردود فعل الناس أن يجعلوا الشعوب يقتنعون بأن النظام الذي تطبقه طالبان هنا أو تحاول تطبيقه الآن هو نظام طالبان فقط، ولا علاقة له بالإسلام، وإنهم لم يكونوا يهينون إلى الإسلام والقيم والشخصيات وما يرتبط به، بل كانوا يهينون مبادئ وقوانين الطالبان من حدود وعقوبات، وهكذا الحجاب أمر الله ورسوله، ولكن هؤلاء الكفار الغربيين ينسبونها إلى قادة طالبان، كما أن الحدود والقصاص أحكام شرعية محددة، لكن الكفار يتحدثون عنها وكأنها مبادئ لطالبان.