6: إساءة استخدام مصطلح “الخلافة الإسلامية”:
في البداية، ينبغي الإشارة إلى أن الخلافة الإسلامية تشير إلى النظام السياسي والديني الذي يقوم على أسس العدالة، الشورى، وتطبيق الشريعة الإلهية. هذا النظام يمثل وحدة الأمة الإسلامية وهدفه بناء مجتمع على المبادئ الأخلاقية، حماية حقوق الإنسان، وضمان الأمن والرفاهية العامة.
لكن جماعة داعش التكفيرية ألحقت ضررًا بالغًا بهذا المفهوم النبيل عبر ادعائها إقامة “الخلافة الإسلامية”، وجعلت منه أداة لجذب الأفراد إلى صفوفها.
في حين أن الخلافة الإسلامية في التاريخ الإسلامي كانت رمزًا للرحمة، العدالة، وتعزيز الأمن، أقامت داعش “خلافتها” على أساس العنف، قتل الأبرياء، والإرهاب.
إحدى المهام الرئيسية والأساسية للخلافة الإسلامية هي الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية، لكن داعش لم تكتفِ بتجاهل هذا الهدف، بل عمدت إلى خلق الانقسامات والعداوات داخل الأمة عبر تكفير المسلمين على نطاق واسع وإعلان الحرب على الجماعات والأحزاب الإسلامية.
علاوة على ذلك، تستغل جماعة داعش شعار الخلافة لجذب الأجانب ونشر دعايتها الباطلة، مما أدى إلى تحويل هذا المفهوم إلى أداة عديمة القيمة تُستخدم فقط لخدمة أهدافها السياسية والعسكرية، مبتعدة تمامًا عن المعنى الحقيقي للخلافة.
تستغل هذه الجماعة المشاعر الدينية والعاطفية للمسلمين وتحوّل مفهوم الخلافة إلى وسيلة دعائية واستراتيجية. وقد استطاعت عبر ادعائها إقامة الخلافة الإسلامية استقطاب شباب مسلمين من مختلف أنحاء العالم إلى صفوفها. قدمت داعش هذا المصطلح كوسيلة لإحياء قوة الإسلام واستعادة العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، لكن واقعها الممارس جلب الخراب وسفك الدماء بدلًا من إحياء الحضارة.
يُعد مفهوم الخلافة الإسلامية، بما يحمله من تأثير معنوي وتاريخي، جذابًا للعديد من المسلمين. وقد استغلته داعش بشكل سيء لتقديم أيديولوجيتها المتطرفة كأنها شعار مألوف ومشروع لجذب المسلمين إلى جانبها.
لكن الحقيقة التي ينبغي الاعتراف بها هي أن داعش، من خلال إساءة استخدامها لمفهوم الخلافة الإسلامية، لم تسعَ لإحيائه ككيان ديني بل حولته إلى أداة لجذب القوة، الترويج لأيديولوجيتها المتطرفة، وإضفاء الشرعية على ممارساتها العنيفة.
للأسف، أدى هذا الاستخدام النفعي لمفهوم الخلافة الإسلامية إلى فصله عن قيمه الأصلية وإلحاق أضرار جسيمة بالعالم الإسلامي.