قيام الإمارة الإسلامية وانهيار الديمقراطية
بقلم: الدكتور أسد
في هذه المقالة، سنتناول نشأة إمارة أفغانستان الإسلامية (حركة طالبان)، مراحل الجهاد، والجهود المبذولة لمكافحة الديمقراطية والقضاء عليها.
1- كيف نشأت الإمارة الإسلامية؟
كان مؤسسو الإمارة الإسلامية الأوائل من طلاب العلوم الشرعية الذين درسوا في المدارس والمساجد الريفية، وشارك أغلبهم في الجهاد ضد الغزو السوفييتي، بل وامتلكوا جبهات مستقلة.
خلال فترة الحروب التنظيمية والفوضى، عندما بلغت مظالم قادة الميليشيات من سرقة وقتل وجرائم ذروتها، قرر طلاب المدارس الدينية بقيادة الملا محمد عمر مجاهد رحمه الله في منطقة سنغ حصار التابعة لمديرية ميوند بولاية قندهار التصدي لهذه الفوضى. انضم العديد من طلاب المدارس الدينية في ميوند، بنجوايي، والقرى المجاورة إلى هذا التحرك، وبدأت الثورة.
اضطر طالبان بقيادة الملا محمد عمر إلى حمل السلاح لإنقاذ البلاد من الانهيار التام، حيث كانت حياة الناس وأموالهم وحقوقهم تُنتهك يوميًا، وكانت أعراض المسلمين وشرفهم في خطر. كانت البلاد مهددة بالانهيار والتقسيم، ولم يكن هناك من يوقف هذا الظلم والفساد المستشري.
في تلك الفترة، بلغت الحروب الأهلية في أفغانستان ذروتها، وضاعت ثمار الجهاد. تعرض دم أكثر من مليون ونصف شهيد للخيانة، وأُساء لسمعة الجهاد المقدس. بسبب المصالح الشخصية وسعي القادة الجهاديين للسلطة، تحولت البلاد إلى حطام. هذه العوامل دفعت إلى تأسيس الإمارة الإسلامية لإنقاذ الشعب والبلاد من الظلم والبؤس والمآسي التي كانوا يعيشونها.
2- مرحلة الجهاد
في السابع من أكتوبر 2001، شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها غزوًا عسكريًا على أفغانستان، في انتهاك صارخ لكل القوانين الإنسانية والدولية. احتلت أفغانستان وأسقطت النظام الإسلامي القائم، وأسست إدارة جمهورية تابعة لها بدعم من عملاء محليين.
حلّت الديمقراطية محل القوانين الإسلامية والشريعة. تحت شعارات حرية المرأة وحقوقها، انتشرت الفساد والرذيلة. بدأت مئات القنوات التلفزيونية والإذاعات ووكالات الأنباء والصحف نشاطها، ورافق الغزو العسكري غزو فكري وثقافي. أطلقت برامج مثل “ستارة أفغان”، وبدأت فترة مظلمة من البؤس، حيث دُوس على القيم الدينية والوطنية.
لكن في المقابل، لم تفقد القلوب المؤمنة أملها. على الرغم من الهيمنة العالمية، بقي هؤلاء يؤمنون بالله وينتظرون نصره. كانوا على يقين بأن قوة أمريكا ستنكسر يومًا ما، وأن الانتفاضة الجهادية ستعود لتظهر تفوق الإيمان على المادية أمام البشرية.
في مواجهة الغزو الكافر والديمقراطية، استعد الآلاف من الشباب لتنفيذ عمليات استشهادية. نفذ المجاهدون ضربات موجعة ضد الغزاة المتكبرين، ما أجبرهم على الانسحاب من أفغانستان بعد مواجهتهم عمليات لم تكن تخطر في بالهم.
أخيرًا، وبعد عشرين عامًا من الكفاح الشاق والجهاد المقدس، اضطرت الولايات المتحدة إلى الاعتراف بهزيمتها. وُقّع اتفاق الهزيمة في الدوحة مع الإمارة الإسلامية، وانسحبت جميع القوات الأجنبية من أفغانستان بالكامل. بذلك انتهت حقبة الديمقراطية المظلمة والإدارة الجمهورية في أفغانستان.
عادت الإمارة الإسلامية لتسيطر على البلاد مرة أخرى، وانتهت الديمقراطية تمامًا، حيث عمت أجواء الأمن، وحكم النظام الإسلامي الذي طالما انتظره الأفغان.