علاقة داعش والجمهورية!

وليد ويار

#image_title

بعد سقوط الخلافة العثمانية على يد الأتراك، أنشأت الولايات المتحدة والدول الغربية أنظمة حكم مختلفة في البلدان الإسلامية لتقسيمها، وتشجيع العلمانية، وإنشاء دول تخدم المصالح الغربية. وكان من أبرز هذه الأنظمة “الجمهورية”، التي تقوم نظريًا على مبدأ الأغلبية (50+1)، لكنها في الواقع تعني تجاهل حقوق 49% من الشعب.

رغم أن نظام الجمهورية كان يطبق بشكل أو بآخر في بعض الدول الإسلامية وفق مبادئه، إلا أن الجمهورية التي أُقيمت في أفغانستان بين عامي 2000 و2021 كانت بعيدة كل البعد عن هذه المبادئ. بل يمكن اعتبارها استهزاء بمفهوم الجمهورية نفسه، إذ كانت تحتوي على جمهوريات ورؤساء جمهوريات داخلها.

أهداف ضعف الجمهورية في أفغانستان

كان لضعف هذا النظام العديد من الأسباب، وأهمها إيجاد جماعات تخدم الاحتلال ومصالحه بأي شكل، وتقمع المجاهدين الذين كانوا يقاتلون ضد الاحتلال بإمكانيات ضئيلة، مستندين إلى العقيدة الإسلامية ودعم الشعب.

من بين هذه الجماعات، كانت “داعش خراسان” في أفغانستان، التي أُنشئت على غرار داعش العراق. وكانت هذه الجماعة الخارجية جذورها في أراضي الجمهورية، لكنها تلقت الدعم من الاستخبارات الأمريكية والدول المجاورة.

رغم أن أمريكا والجمهورية أظهرتا معارضة ظاهرية لداعش، إلا أن الحقيقة كانت مختلفة تمامًا. فقد تلقت داعش دعمًا ماليًا وعسكريًا كاملًا لتحقيق أهداف الاحتلال الفكرية والعسكرية، وقمع المجاهدين الذين أحرجوا الجمهورية وأمريكا، رغم كل التكنولوجيا والموارد العسكرية التي امتلكوها.

أمثلة على العلاقة بين الجمهورية وداعش

1. علاقة أمر الله صالح مع داعش

كان أمر الله صالح، النائب الأول للرئيس أشرف غني، يتمتع بدعم بريطاني كامل، وكان يتقن مهام الاستخبارات كعميل مستأجر. كان يلتقي بأعضاء داعش في القصر الرئاسي، حيث قدم لهم الأموال والخطط والمشورة العسكرية. كما أطلق عمليات اغتيال مستهدفة، مثل حملة “شش ونیم”، لقتل القادة العسكريين الذين واجهوا داعش. حتى أن سكرتيره الشخصي، ثناء الله غفاري، أصبح زعيمًا لداعش تحت اسم “شهاب المهاجر” في عام 2020.

2. رحمت الله نبيل وداعش

كان رحمت الله نبيل، رئيس جهاز الاستخبارات في عهد أشرف غني، على صلة وثيقة بالاستخبارات الأمريكية وداعش. تم الكشف عن هذه العلاقة عندما اعتقل المجاهدون طبيبًا ومستشارًا كان يحمل أموالًا لداعش في ولاية لوغر. كما تم استخدام منازل نبيل في كابول كمراكز لإيواء عناصر داعش.

3. ننجرهار وداعش

في ننجرهار، أقامت داعش وجودًا عسكريًا، لكن المجاهدين تمكنوا من هزيمتهم في مناطق مثل “أشين” و”شينوار”. ومع ذلك، تدخلت القوات الأمريكية والجمهورية بشكل متكرر لإنقاذ داعش، عبر القصف الجوي أو نقل الإمدادات.

4. العرب والصيد في فراه

خلال حكم كرزي وغني، استُخدم بعض العرب الذين دخلوا أفغانستان بحجة السياحة أو الصيد كغطاء لنقل عناصر داعش إلى مناطق مثل فراه ونيمروز.

5- استهداف العلماء وتدمير المساجد
لتشويه صورة الإمارة الإسلامية والمجاهدين، قامت استخبارات الجمهورية بشن هجمات على العديد من العلماء الدينيين، المساجد، وزعماء القبائل. وأُلقي اللوم على الإمارة، مدعية أن هذا جزء من معاداة الإسلام.

لكن درجة التناقض كانت كبيرة إلى حد أن مسؤولية هذه الهجمات كانت تُعلن في نفس الوقت من قبل عناصر داعش الخوارج. هذا التناقض جعل الحوادث ذات اتجاهين واضحين. على سبيل المثال:

الهجوم على إمام مسجد وزير أكبر خان الدكتور نيازي.

الهجوم على اثنين من أساتذة جامعة كابول.

الهجوم على جامعة كابول نفسها.

الهجوم على الدكتور باقي أمين.

هجمات أخرى على العلماء والشخصيات البارزة.

كل هذه كانت نتيجة وحشية مشتركة بين الجمهورية وعناصر داعش، ولم تتحمل الإمارة الإسلامية مسؤولية أي من هذه الهجمات، بل أدانتها علنًا.
6- اتحاد المقاومين وداعش
عندما تم إسقاط الجمهورية، واختار الجنود الفارون من الجمهورية وقادة جبهة الشورى والنظر الذين كانوا يحكمون تحت عباءة الجمهورية ولاية بنجشير كمركز لمقاومة المجاهدين في الإمارة الإسلامية، كان أول عمل قاموا به هو التحالف مع داعش لمواجهة المجاهدين.

من غير الممكن أن يتم تشكيل مثل هذا التحالف بشكل سريع دون وجود علاقات سابقة بين الطرفين أو تعاون قديم. لكن، ولحسن الحظ، فإن جميع هذه الأحلام انهارت، حتى تلك التي تبناها بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، الذين طالبوا بإنشاء منطقة آمنة في بنجشير لدعم هؤلاء. لكن الحقيقة هي أن هذه المنطقة كانت تهدف إلى أن تكون مأوى لعناصر داعش الخوارج، بينما فقد الحلفاء الجمهوريون لداعش مصداقيتهم بالكامل.
الخلاصة
بالنظر إلى النقاط السابقة، يمكننا أن نستنتج أن تنظيم داعش الخوارج في ذلك الوقت لم يكن بأي حال من الأحوال كيانًا مستقلاً عن الجمهورية والاستخبارات الأمريكية. فليس هناك مثال واحد يثبت أن داعش قد ألحقت أي أضرار مالية أو بشرية بجنود الجمهورية أو الأمريكيين.

على العكس من ذلك، فإن داعش عملت دائمًا على حماية أهدافهم ومصالحهم. وبالمقابل، سعت إلى تشويه سمعة الإسلام والإمارة الإسلامية، وتقسيم الشعب الأفغاني المسلم إلى طوائف سنية وشيعية، وممارسة الظلم الفادح على الشعب الأفغاني المكلوم. ومن بين الأمثلة البارزة على هذا الظلم، ما عاناه سكان ننكرهار في شينوار، أشين، وخوغياني، التي أصبحت علامات سوداء في تاريخ هذه الجماعة الوحشية.

ابو صارم
Exit mobile version