سير الجهاد و عواقب التخلي عنه!

#image_title

بقلم: عثمان أحمدزي

 

إن وجود نظام إسلامي يحكم جزءًا من الأرض اليوم لا يعني بالضرورة أنهم سيتخلون عن الجهاد أو يتوقفون عن مكافحة الفساد. بل على العكس، سيستمر الجهاد طالما لم يُقضَ على الفساد في الأرض، ولكن ستختلف أشكاله ووسائله من وقت لآخر. ومع ذلك، لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يُتخذ أي عمل تحت اسم الجهاد يؤدي إلى زيادة الفتن أو تعريض الحاكمية للخطر.

 

حتى مع القوة والسيطرة، فإن ترك الجهاد يُعتبر من الكبائر. ابن تيمية (رحمه الله) قال: “كل جماعة تمتنع عن الالتزام بالصلاة المفروضة، أو الصوم، أو الزكاة، أو الحج، أو الجهاد، أو قبول الجزية من أهل الكتاب، أو غيرها من الواجبات والمحرمات المتواترة دون عذر، فهي كافرة، ويجب قتالها. في هذه المسألة لم أجد خلافًا بين العلماء” (فتاوى ابن تيمية).

 

هناك نصوص كثيرة وردت في النهي عن ترك الجهاد، وذُكرت عواقب ذلك ووصفت من يتركه بأوصاف سيئة للغاية، وسنقوم هنا بشرح بعض منها:

 

1. ترك الجهاد يؤدي إلى الهلاك في الدنيا والآخرة: في الدنيا، يؤدي إلى الذل والعبودية والتعرض لسيطرة الكفار، وفي الآخرة، إلى الهلاك والجحيم والعذاب. يقول الله جل جلاله: “وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” (سورة البقرة، الآية 195).

 

2. الفرح بترك الجهاد من صفات المنافقين: قال الله تعالى: “فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ” (سورة التوبة، الآية 81).

 

3. ترك الجهاد يسبب الفساد في الأرض: يقول الله تعالى: “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا” (سورة الحج، الآية 40).

 

باختصار، فإن أمر الجهاد ليس شيئًا جديدًا، فقد أُمِرَ به الأنبياء السابقون أيضًا. ولو لم يكن الجهاد مفروضًا، لما بقي لأي دين سماوي أثر أو اسم. جميع الأديان السماوية قد أُمِرَت بالجهاد في زمانها.

 

4. ترك الجهاد يؤدي إلى فقدان العديد من المصالح والفوائد العظيمة، مثل الأجر والثواب والشهادة والغنيمة والتربية وإذلال الكفار ودفع الشر وحماية الإسلام ورفع مكانة المسلمين.

 

5. ترك الجهاد قد يؤدي أحيانًا إلى عذاب عاجل: كما قص الله عن بني إسرائيل عندما أمرهم موسى (عليه السلام) بالذهاب للجهاد في بيت المقدس، لكنهم رفضوا، فأنزل الله عليهم عذابًا. يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (۲۲) قٰالُوْ يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (۲۴) قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (۲۵) قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (۲۶) قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ. (سورة المائدة من آیة ٢١-٢٦)

طلحه قندوزي
Exit mobile version