بقلم: سعيد فاتح
قبل عشرين عاماً، عندما بسطت الإمارة الإسلامية سيطرتها على أفغانستان بالكامل، كانت على وشك الاستيلاء على منطقة بنجشير؛ ولكن مسعود ورباني وغيرهم من الطامعين في الدولار دعوا أمريكا وحلف الناتو للتدخل لمساعدتهم.
الهدف الحقيقي لأمريكا كان القضاء على النظام الإسلامي، الذي كان يوحد الأمة ويشكل تهديداً لحكم اليهود في المستقبل. كان المجاهدون يواجهون وضعاً صعباً، حيث كانت أمريكا تقصف المدنيين والأماكن العامة بلا هوادة، وتقتل الأبرياء.
في ظل هذه القصف المستمر، تم اختيار حكومة موالية للغرب في مؤتمر بون، وتم نقلها إلى كابول. كان معظم أعضاء هذه الحكومة أشخاصاً دربهم الغرب على مدى سنوات ليكونوا مخلصين لمصالحه، وكانت مهمتهم الأساسية هي الفساد والخيانة في إدارة الجمهورية.
تولّت هذه الحكومة السلطة تحت مسمى “الحكومة المؤقتة”، ودخلت أمريكا وهذه الإدارة مرحلة من الفظائع والوحشية المتزايدة. كان الشعب يبحث عن السلام، لكنه كان إما مفقوداً أو يُقتل بوحشية وظلم على أيديهم.
أثارت هذه الظروف مرة أخرى مشاعر الجهاد المقدس لدى قوات الإمارة الإسلامية، وفي معركة شاهيكوت، واجهت الأمة الدينية التي كانت دائماً في الصفوف الأمامية في كل الثورات العدو مرة أخرى. كانت المعارك تشتد في كل مكان، والخسائر تتزايد يوماً بعد يوم، لكن الشعب كان منقسمًا إلى طرفين: طالبان الطاهرة من جهة، والاحتلال والحكومة الداعمة له من جهة أخرى.
كان طالبان يسعون لتحقيق الأمن وتطبيق الشريعة، ولم يقبلوا بأي تدخل خارجي. حتى عندما كانت أسرهم أحيانًا لا تتعاون معهم، كان الشعب يقدم لهم الدعم الذي يتجاوز قدراتهم. كان تمويل الثورة بالكامل يأتي من الشعب، وكلما تعرضوا للجروح أو السجن أو الشهادة، كانت عزائمهم تقوى أكثر.
في المقابل، كانت قوات الاحتلال تسعى للقضاء على الإسلام، وكانت مدعومة من 52 دولة ومجهزة بأسلحة ثقيلة. لكن معنوياتهم كانت تضعف يوماً بعد يوم، وكانوا يحصلون على ميداليات الشجاعة من اليهود لقتلهم المدنيين، ولم يكن موتهم في سبيل الشهادة والجنة، بل لخدمة الغرب والمادية التي أغرقتهم حتى أنهم لم يدركوا الحق من الباطل طوال عشرين عاماً.
على مدى عشرين عاماً، خاضت الحق والباطل معارك مستمرة، وفي النهاية انهزمت تلك القوة الكبيرة المجهزة والمسلحة، في حين تمكنت الجماعة الضعيفة من حيث العتاد والعدد ولكن القوية بإيمانها من الوصول إلى السلطة. وعند وصولهم للسلطة، بدلاً من الانتقام والثأر، أعلنوا عفواً عاماً، وعفوا عن القتلة، وبدأوا العمل على إعادة بناء البلاد. والآن، بعد ثلاث سنوات من تلك الرحلة، بفضل الله، وصلت هذه الجماعة المؤمنة إلى مستوى يمكنها من أن تكون سبباً في إحياء آمال الأمة التي كانت ميتة.