وضعت داعش نفسها هذه الأيام في قفص ليس له متفرجون ولا مؤيدون، لأنها لا تلتزم بأي مبادئ دينية واجتماعية ثابتة، ولم يفكر الدواعش أبداً في أنهم يوماً ما سيكونون في مواجهة الأمة، وماذا سيكون مصيرهم ونتيجتهم إذا لم يحظوا بدعم الأمة.
كانت رؤية الكثير من أبناء الأمة في الأيام الأولى لهذه الحركة مليئة جدًا بالمحبة والتقدير، ولكن مع مرور بعض الوقت، كشفت الدواعش عن أصلهم وفقدوا شعبيتهم ومؤيديهم بالفكر الجامد الذي يحملونه معهم.
المنتصر في ميدان النضال من يحظى بدعم الأمة ومساندته، ومن المؤكد أن المسلمين سيدعمون من تكون تعاليم الشريعة الإسلامية هي الأولوية لديه.
وصلت ظاهرة داعش في الآونة الأخيرة إلى حالة من الخراب والذل، لم يفقدوا فيها دعم جماهير الأمة فحسب، بل لم ينظر إليهم أي من علماء العالم الإسلامي نظرة إيجابية.
واصل تنظيم داعش مسيرتها بموقفها الشرس المتجمد، ودون مراعاة أن القوة لم تكن هي الحل أبدا، ونتائجها معروفة وواضحة للجميع.
كما شككت هذه الحركة في تفكير اللين والتوتر، من خلال إظهار الخوف والرعب بين الأمة، فلا يوجد شيء اسمه اللين والمرونة في القاموس الفكري لهذه الطائفة.
يعتبر الصرامة والحزم أمرا صحيحا ومقبولا ومؤكدا في التدين، لكن الفكرة القائلة بأنه يجب على الإنسان أن يكون متشددا في الأمور الاجتماعية التي يمكن تغييرها، كتشدده في الأمور الدينية، بعيدة تمامًا عن العقلانية والمنطق.
ينبغي للإنسان أن يأخذ في الاعتبار تغيرات الزمن، ويقيس عملية الحياة الجماعية والاجتماعية على أساس التغيرات التي سادت المجتمع.
فالثبات على الدين أمر مختلف تماماً ومضاد لفكر الخوف والرعب، لكن تنظيم وحركة داعش، بمخططاتها وخططها للعالم وحده، غير مستقرة ومدمرة، تماما مثل تفكيرهم.
إن التفكير السطحي والمغلق في عالم اليوم ليس وسيلة للتقدم، ولكن التفكير الإنساني ومنظوره يجب أن يكون في نطاق التغييرات الملموسة في العالم.
في الفكر الديني، الحزم هو الشيء الأنسب، لكن من الممكن إظهار اللين طالما لم يتم انتهاك الخطوط الحمراء للتدين.
إن الأشخاص والحركات التي تبني جدارًا حول نفسها، وترى الآخرين في السجن لا يفعلون شيئًا سوى إضاعة الوقت وعدم تقدير نعم الله وتضييع أوقات العمل.
لقد وجد تنظيم داعش هذه الظاهرة المشؤومة نفسها في قفص خال من الأعداء الحقيقيين، ولهذا السبب فإنه يهاجم هذا المسلم أحياناً باسم ورأية خاصة يدلهم عليها أعداء الدين، وأحياناً يهاجم المسلمين وجماعات أخرى بأسماء وأوصاف أخرى.