منذ أن نبتت شجرة الزقوم الخبيثة لداعش، ظلّ خوارجها يبحثون عن طرقٍ مختلفة لتأمين مواردهم المالية، محاولين بكل وسيلة البقاء على قيد الحياة.
خلال ذروة قوتهم، كان هذا التنظيم المنبوذ يُسيّر آلته الحربية ضد الإسلام عبر عائدات بيع النفط والغاز المستخرج من الأراضي الإسلامية، مستغلًّا تلك الموارد لتمويل حربه المضللة.
كما لجأوا إلى وسائل أخرى كبيع الآثار القديمة، واحتجاز الرهائن، والاختطاف، وفرض الإتاوات، والاتجار بأعضاء الأسرى، فضلًا عن المبالغ الطائلة التي جمعوها تحت ستار الزكاة، والتي ساهمت إلى حد كبير في سدّ احتياجاتهم المالية.
لكن مع اقتراب زوال خلافتهم الباطلة، أصبحوا غير قادرين على تلبية نفقاتهم، فلجؤوا إلى أجهزة الاستخبارات العالمية، واضعين أغلال العبودية حول أعناقهم طوعًا، ليصبحوا أدوات رخيصة في أيدي أسيادهم.
ومنذ ذلك الحين، بدأ الخوارج ينفذون عملياتهم التخريبية خدمةً لمصالح مموليهم، بينما يوجّهون ضرباتهم القاسية ضد الأمة الإسلامية للحفاظ على تنظيمهم من الانهيار.
وخلال الأيام القليلة الماضية، نشرت مؤسسة “البصائر” -وهي إحدى الأذرع الإعلامية التابعة للخوارج- ملصقات تدعو لجمع التبرعات المالية، كاشفةً بذلك عن زوايا جديدة من ضعفهم وانحسار نفوذهم.
إن هذه الدعوات تعكس بوضوح الأزمة المالية الخانقة التي يعيشها هذا التنظيم البغيض، حتى إن أسيادهم الاستخباراتيين لم يعودوا قادرين على انتشالهم من هذا المستنقع.
لكن ما يلفت النظر أكثر، هو انعدام الثقة بين عناصرهم أنفسهم؛ فوفقًا للملصقات التي نشروها في الثامن من شهر رجب، يحذّر قادة داعش أنصارهم من تسليم الأموال إلا لمن يتم تعيينهم وتزكيتهم من قبلهم، ما يشير إلى انتشار الخيانة والسرقات داخل صفوفهم.
وقد جاء في تلك الملصقات أن “دعم الخوارج فرضٌ على جميع المسلمين”، لكن الحقيقة المؤلمة هي أن غالبية الأموال التي تُجمع تحت عناوين مثل “إغاثة المجاهدين، ومساعدة الأسرى، وكفالة الأيتام والأرامل”، لا تصل إلى مستحقيها، بل تتبخر في جيوب قادتهم.
إن جمع الأموال تحت ذريعة الجهاد، ثم استخدامها لأغراض شخصية، أصبح ظاهرة شائعة بين المسؤولين الماليين لداعش. لكن الأدلة الأخيرة تؤكد أن هذا الفساد يتسع يومًا بعد يوم، مما يهدد بشكل جدي قدرة التنظيم على البقاء.
وبعد الهزائم العسكرية القاسية التي تكبّدها داعش في العراق وسوريا وأفغانستان ومناطق أخرى من العالم، بات يعاني من أزمات مالية خانقة، ويبدو أن آلة الحرب الخارجية تقترب من نهايتها، وبإذن الله، فإن هذه الفتنة العظيمة ستنتهي قريبًا إلى غير رجعة.