باكستان على حافة الهاوية! الجزء الثالث

اقبال حمزه

السبب الثالث الذي يدفع باكستان نحو الانهيار هو الفضيحة والضعف لأجهزتها الاستخباراتية:
لقد كانت أجهزة الاستخبارات الباكستانية لسنوات طويلة تعتمد على الدعاية أكثر من العمل الحقيقي، أما اليوم فقد انكشفت حقيقتها، لشعب باكستان كما لخصومها.

قبل سنوات، غرست الدعاية الرسمية في أذهان الباكستانيين فكرة مفادها أن كل ثالث شخص في البلاد هو جاسوس للجيش أو للحكومة.
عاش الناس في خوف دائم، حتى إنه إذا وقعت حادثة أمنية في مكان ما، كانوا يقولون فورًا: «هذا من كيد الاستخبارات (آي إس آي)»
تسللت هيبة هذه المؤسسة إلى عقول الناس إلى درجة أنهم ظنّوا أنّ كل ما يجري في حياتهم مكشوف أمام أعينها.

وكان التصوّر السائد أنّ الاستخبارات الباكستانية تسيطر تمامًا على البلاد والشعب، ولا تعرف الفساد، وأنّ كلّ ما تقوم به إنما هو لمصلحة الوطن والمواطنين.
غير أنّ السنوات الخمس أو الست الأخيرة، ومع صعود حركة طالبان باكستان والمقاتلين البلوش المطالبين بالاستقلال، كشفت زيف تلك الصورة تمامًا.
فقد تبيّن أنّ جهاز الاستخبارات هذا ليس إلا مؤسسة دعائية أكثر من تكون لها رسوخ عملي، وأنّ مسؤوليه في الداخل غارقون في الفساد والانحلال.

وبدلًا من أن يجعلوا مصلحة الوطن أولويتهم، أصبحوا ينشغلون ليل نهار بعقد صفقات على حساب الشعب.
وقد بلغت وقاحتهم حدًّا جعلهم يُقيمون علاقات سرّية ومعاملات خفية مع إسرائيل، ذلك الكيان الذي يُعدّ من ألدّ أعداء العالم الإسلامي.

أما الظلم الفادح الذي ارتكبته أجهزة الاستخبارات بحق كرامة وعِرض المواطنين، فقد جعل الناس يُدركون يقينًا أنّ الـ(آي إس آي) ليست من تلك المؤسسة التي تعمل لصالح الشعب كما كانت تدّعي.

في الماضي، عندما كانت الـ(آي إس آي) تُقدم على قتل شخص ما ظلمًا، كان الناس يبررونه بتحميل الذنب لأن الاستخبارات لا تظلم أحدًا
لكن هذه القناعة والنظرية تبدّلت اليوم، وأصبح أغلب الباكستانيين على يقين بأنّ الاستخبارات هي التي تنفذ الاغتيالات لتحقيق مصالحها الخاصة أو لتنفيذ مخططات دولٍ أجنبية.

كما كشف الستار عن تلك الأكذوبة الكبرى التي كانت تروّجها لها هذه الأجهزة، وهي أن الجيش الباكستاني أقوى جيش في العالم.
ومع زوال الخوف من الاستخبارات الذي كان يردع النفوس عن المقاومة اكتسب المواطنون الشجاعة للمطالبة بحقوقهم والتمييز بين الحق والباطل.

هذا التحوّل أتاح للمعارضين المسلحين فرصة واسعة لكسب تعاطف الناس واستمداد دعمهم.
وهو السبب ذاته الذي فجر عاصفة غضبٍ قاتلة تهبّ اليوم ضد النظام العسكري الباكستاني، فتربكه وتثير ذعره.
لكن بدلاً من مواجهة الحقائق والاعتراف بالإخفاق، ما زالت الحكومة تلقي باللائمة على الدول المجاورة لتبرير فشلها.

Exit mobile version