ولعلكم تعلمون أن هناك خطة عسكرية بين القوتين الرئيسيتين في باكستان (حركة طالبان باكستان والأجهزة الأمنية)، كما أن الصراع جار في الميادين الحربية جار في الميادين الافتراضية، فمن ناحية تقتل حركة طالبان الباكستانية العشرات من أفراد الأمن كل يوم، ومن ناحية أخرى تقوم الأجهزة الأمنية بالعمليات ضد حركة طالبان الباكستانية بغارات وعمليات بالأسلحة في أنحاء أرض باكستان، وخاصة في مناطق خيبر بختونخوا، بحيث أصبحت ساحة قتال، ومنذ عام 2013، اتخذت شكلا رهيبا.
إن الأحوال السياسية للبلاد، وأوضاعها الدفاعية وصلت إلى الحالة التي وصلت إليها إدارة أشرف غني (رئيس الحكومة الجمهورية).
لقد اهتمّت إدارة أشرف غني بعملين في الأيام الأخيرة من سقوطه، وفعلهما بشجاعة كبيرة، وهما الوسيلتان اللتان يمكن لأي حكومة أن تتجه بهما نحو الانحدار والفشل.
العمل الأول الذي فعلته إدارة أشرف غني أنها أينما ضعفت في مواجهة طالبان، صبت سوط غضبها على المدنيين العزل، حيث قامت تقصفهم بشكل عشوائي، وتهاجم الممتلكات العامّة، والأسواق والمساجد، وعندما يتم تحديد الهدف يتم استخدام المدفعية بشكل كبير بحيث تتحول الحصون إلى خرائب، ليضطرب الناس ولا يسمحوا لطالبان بالبقاء في مساجدهم وزواياهم وأحيائهم، ليضطروا إلى مغادرة المنطقة.
لكن شعب أفغانستان المتدين والمتحمس والمتواضع لم يدعم الحكومة رغم جرائمها ضد طالبان، و لقد شهد العالم كله ثمرة صبر الشعب الأفغاني واستقراره، وهناك اليوم يستقر أمن في أفغانستان لم تتمكن أوروبا وأمريكا من مثله في تاريخهما منذ مئات السنين.
على خطى أشرف غني، ارتكبت إدارة باكستان ضد القبائل كافّة الجرائم التي ارتكبتها إدارة أشرف غني مع الأفغان.
في وادي طيرة “بير ميله” بولاية خيبر بختون خواه، تعرض العديد من أصحاب المتاجر بما في ذلك أطفال المدارس والمكاتب للهجوم داخل سوق مليء بالناس، وفي شمال وجنوب وزيرستان استشهد الأطفال والمسنون والنساء بوحشية في العديد من هجمات الطائرات بدون طيار التي استهدفت عامة السكان، فإن أظهر الشعب الباكستاني وخاصة قبائل خيبر بختونخوا، المثابرة في مواجهة الجرائم التي ترتكبها الحكومة الباكستانية، فلن يمرّ وقت طويل في أن يسود باكستان أمن وسلام كالذي يسود أفغانستان.
العمل الثاني الذي قامت به إدارة أشرف غني أنها بدأت حملة دعائية حكومية واسعة النطاق ضد طالبان، واستخدمت العديد من المخططات لتشويه سمعة طالبان، على سبيل المثال روجوا أن طالبان عملاء وكالة الاستخبارات الباكستانية، ويقاتلون من أجل تحقيق أهداف وغايات المؤسسات الباكستانية، فإنهم يقتلون الأفغان، والذي يجري ليس جهادًا، بل تجارة، وما إلى ذلك من الدعايات. فهل نفعت مثل هذه الدعايات التي لا أساس لها من الصحة؟ أم أن النظام الديمقراطي الفاسد لا يزال قائما؟ أم أن هذه الدعاية أضرت بسمعة طالبان؟ أين الدعاة الآن وأين طالبان النبيلة؟ عزيزي القارئ! هذه هي نفس سياسة باكستان الفاشلة التي تولى المارقون رئاستها، يحسبون أننا نقوم بعمل عظيم، ونتجه نحو النجاح.
يقول الشاعر: أخاف أن لا تصل إلى الكعبة أيها الأعرابي! هذا الطريق سيذهب بك إلى تركستان.
تبنّت إدارة باكستان، ووكالاتها الرسمية أو غير الرسمية، سياسة أشرف غني الفاشلة، ومن إحدى تلك الدعايات أنهم يحاولون من خلال اتصال للمفتي نور ولي محسود أبو منصور عاصم أمير حركة طالبان الباكستانية إعطاء الانطباع بأن قيادات حركة طالبان باكستان موجودون في أفغانستان، وإنهم يعطون تعليمات للعاملين لديهم من هناك بأنه إذا كان هناك العديد من المقاتلين في الخطوط الأمامية، فعليهم التحلّي بالصبر وعدم الاهتمام بالعودة إلى مراكزهم ومنازلهم.
لا تتعب وسائل الإعلام الباكستانية من الترويج والدعاية بأن حركة طالبان الباكستانية تعطي تعليمات لعامليها بعدم العودة إلى أفغانستان من الخطوط الأمامية.
من يدعون أنهم المخابرات رقم واحد في العالم لا يعرفون أين قيادة حركة طالبان الباكستانية؟
أيها الأغبياء! أعلن محمد الخراساني، المتحدث باسم حركة طالبان الباكستانية، عدة مرات أنه إذا أراد أي شخص مقابلة قيادتنا ويريد التأكد من مكان قيادة حركة طالبان الباكستانية، فسوف نبقى آمنين في المناطق الخاضعة لسيطرتنا، ويمكنهم دعوة الصحفيين المستقلين لذلك فيجتمعوا مع قيادتهم ويجروا مقابلات معهم، لكن على الرغم من مرور عدة أشهر على هذا الإعلان، يبدو أن الجميع ساكتين على هذه المطالبات لحركة طالبان الباكستانية، لذا فمن الواضح أنه إذا أذنت الإدارة لأحد ما بمقابلة شخص ما لقيادة حركة طالبان الباكستانية سيتضح كل شيء، وبعد ظهور الحقيقة ستنكشف حقيقة الدعايات ضد إمارة أفغانستان الإسلامية فكيف ستنكر ولائها للولايات المتحدة؟
فإن حركة طالبان الباكستانية قليلة العدد والعتاد للغاية مقارنة بالمؤسسات الأمنية، ولكن على الرغم من ذلك تحظى حركة طالبان الباكستانية بالدعم المزيد، وإن قيادات باكستان ما زالت تتعرّض للانهيار، ومع تزايد الدعم الشعبي لحركة طالبان باكستان بين الناس، بدأت الكراهية تجاه الجيش تتجذّر.
إنّ التعامل اللين لحركة طالبان الباكستانية مع الشعوب والقبائل، والاسترشاد بالعلماء الكرام، والتعامل مع السياسيين بشكل أخلاقي، مما يزيد ثقة الشعب بحركة طالبان، في حين أن أذى الجيش وسيطرته على الثروات والاختفاء القسري والقصف العشوائي على المنازل وسوء الأخلاق، والعمالة للغرب جعلهم أذلة مهانين سيئي السمعة.
ومن الضروري أن تستخدم رئاسة المؤسسات الاستخباراتية الوعي والتوعية بدلاً من الدعاية التي لا أساس لها من الصحة.
في الوقت الحالي، تعد حركة طالبان باكستان قوّة لا تُقهر، وأصبحت ادعاءات الباكستان حول قيادة حركة طالبان الباكستانية التي لا أساس لها من الصحة مصدرًا لمزيد من القوة، كما أن الدعايات العشوائية ضد إمارة أفغانستان الإسلامية هي تعبيرات صارخة عن العمالة الأمريكية، لن يقبلها الشعب الباكستاني أبدا.