المقاومة المذهلة لغزة؛ معارك دامية ولكن عزائم فولاذية

أحمد عابد

#image_title

باختصار، غزة أرض الآلام والمعاناة، ولكنها في نفس الوقت رمز واضح للمقاومة والاستقامة، إن شعب هذه المنطقة يقفون صامدين في وجه أعدائهم الذين يريدون تدمير هويتهم.

غزة ليست مجرد أرض، بل هي فكرة مغمورة في صفحات التاريخ والضمير الإنساني. إن مقاومة غزة لا تقتصر على السلاح والحرب؛ بل هذا صراع من أجل الحرية، والكرامة الإنسانية، و صراع من أجل الدفاع عن القيم ونضال من أجل المبادئ.

يعيش أهل غزة ظروفاً قاسية ومؤلمة للغاية منذ سنوات، لكنهم في هذه الظروف الصعبة أظهروا قوة خارقة ليس لها بديل في العالم، لقد فقدت هذه الأرض قلبها وروحها، ولكن بدمائهم رسخوا أسس المقاومة والصمود في نفوس الشعب، وما زالت صامدة رغم عواصف الحرب والقمع.

لقد أظهر أهل غزة قدرتهم على الصمود ليس فقط في مواجهة الهجمات العسكرية، بل وأيضاً في مواجهة العقوبات والحصار والضغوط المتزايدة، بمعنى آخر، هذه المقاومة هي مقاومة ضد كل أشكال القمع والعدوان، مقاومة ضد الضغوط الاقتصادية، والقصف، وانتهاكات حقوق الإنسان، والصمت العالمي.

إن أهل غزة، بينما يكتفي المجتمع الدولي بالمشاهدة، يقفون إلى جانب بعضهم البعض كل يوم بالدعم والتعاون، والشهداء هم مصدر الراحة للأمهات اللاتي فقدن أطفالهن في القصف، ولأولئك الأطفال، وعلى الرغم من أنهم يضعون أيدي الشفقة على رؤوس أولئك الذين توفيت آباؤهم وأمهاتهم ضحايا لهذه الفظائع، إلا أن أهل غزة ما زالوا يسحقون العدو في ساحة المعركة.

إن مقاومة غزة ليست مجرد حرب من أجل الحرية، بل هي كفاح يثبت القوة الروحية للإنسان. لقد أظهرت غزة للعالم أنه في أصعب الظروف، عندما يتم تدمير كل شيء، فإن الروح الإنسانية لا تموت، بل قوتها الروحية باقية، وإن أرواح أهل غزة رغم كل الألم الذي تحملوه لا زالت حية تقاوم الظلم والطغيان، وتستمر هذه المقاومة ليس في الحروب فقط، بل في قلوب الناس في كل شارع وحي في غزة.

إن مقاومة غزة ليست مجرد رد على القمع المستمر للمحتلين، بل هي أيضا أغنية مشتركة ترتفع من قلب كل طفل وبالغ، ومن كل شارع وزاوية، ولا تقتصر هذه المقاومة على ساحة المعركة، بل إن الواقع هو أن النضال في غزة مستمر في كل نواحي حياة الشعب. ما يميز أهل غزة عن غيرهم من الشعوب هو شجاعتهم وتضحياتهم. إنهم يقفون بأيدي فارغة وقلوب مليئة بالإيمان، مقتنعين تمامًا بمبادئهم، في وجه الأعداء الذين يهاجمونهم بطرق جديدة كل يوم.

بالنسبة لشعب غزة، ليست الحرية والكرامة الإنسانية مجرد شعارات مسجلة في كتب التاريخ، بل هي حقائق تجري في دمائهم. لقد ضحوا بحياتهم من أجل هذه الحقائق وما زالوا ملتزمين بوعودهم.

إن هذه المقاومة ضد المحتلين تظهر كل يوم بأشكال جديدة ومستحدثة، واليوم لم تعد غزة مجرد ساحة حرب قائمة، بل أصبحت حرباً تمثل الحقيقة والعدالة، وعندما تقاوم غزة فإنها لا تدافع عن حقوقها فحسب، بل إنها تدافع عن هويتها وتدافع أيضاً عن حرياتها الخاصة. فهي تحرر الأرض من الاحتلال، ولكنها تدافع أيضاً عن القيم الإنسانية والأخلاقية. غزة تذكّر العالم أجمع بأن الحرية والكرامة وحقوق الإنسان ليست مجرد كلمات، بل هي مبادئ لا يمكن سلبها من البشر بأي قوة.

قد تبدو غزة أرضاً مدمّرة وخراباً، لكنها في الحقيقة أرض الإبداع والبناء الجديد، وهو الإبداع الذي يشعر به الناس في قلوبهم وأعينهم كل يوم. فعندما يمشي طفل عبر أنقاض غزة مبتسما، فإن هذه الابتسامة لا ترمز إلى الأمل فحسب، بل إنها تظهر أيضا العزم الذي لا يمكن لأي قنبلة أو مدفعية أن تمحوه.

لقد أثبت أهل غزة أنه حتى لو دمر العالم منازلهم ومبانيهم فإن شجاعتهم ومشاعرهم لا يمكن أن تسلب منهم. إن مقاومة غزة لا تقتصر على أرض واحدة وشعب واحد، بل هي درس عالمي بأن الظلم لا يمكن أن يدوم إلى الأبد وأن كل نضال من أجل الحرية ليس عبثا.

إن أهل غزة، برغم كل الألم والمعاناة التي عانوا منها، ما زالوا يقاومون، وهم يدركون أن مقاومتهم ليست من أجل غزة فحسب، بل من أجل العالم أجمع؛ مقاومة ترفع صوتها من أجل الحرية والعدالة ضد الظلم كل يوم في جميع أنحاء العالم. تُعلّمنا غزة اليوم أن المقاومة الحقيقية لا تقتصر على السلاح والجهاد بالأنفس فحسب، بل تتجلى أيضاً في قلوب الناس وفي الروح التي يبنون بها أسس الحرية بعملهم الشاق كل يوم.

غزة ما زالت تنبض بالحياة، وما زالت تقاوم، وما زالت تحمل رأية الحرية على كتفيها. هذه الأرض، على الرغم من كل آلامها وصعوباتها حية وتظهر للعالم أن البشر قادرون على المقاومة والنجاح حتى في أصعب الظروف. غزة اليوم لم تعد مجرد أرض للمقاومة، بل أصبحت مثالاً لكل الأمم الساعية إلى الحرية والعدالة.

وفي نهاية المطاف، أثبتت غزة أنه لا يمكن هزيمة أحد حتى يتم هزيمة روحه.

Exit mobile version