الصّراعات الاقتصادية في طاجيكستان؛ السّوق الساخنة لتجنيد واستقطاب داعش!  

علي أنصار

#image_title

إنّ ضغوطات الحياة والحالات النفسية غير الملائمة والمشكلات الاقتصادية من بين العوامل التي تدفع الإنسان إلى أعمال شاقة لا يرغب فيها ولا يحبها، لأنه لا يمكن عمل أي شيء بدون وسائل وبأيادي فارغة، وإن هذا العالم والحياة فيه يعتمدان على الوسائل، فالإنسان ما دام في أوضاع جيدة من الجهة النفسية والاقتصادية والفكرية، ويملك قوة أكبر، يدرك الحقائق ويتفهم الواقع بشكل أفضل، ولكن عندما تحيط به تقلبات الحياة فإنه يتجاوز الواقع ويقوم بأي عمل مشروع أو غير مشروع لتحقيق أهدافه.

 

إنّ هذه التقلّبات هي جزءٌ من جوهر الحياة، ولكن الناس الذين يستغلون نقاط ضعف الآخرين، ويجبرون الناس على ارتكاب أفعال غير مرغوب فيها؛ إنهم أكثر الناس بؤساً، وتنظيم داعش هو نموذج من هذه الطوائف التي لا نصيب لها من الإنسانية والرحمة، ولا من متاعب الحياة. طاجيكستان واحدة من أكثر البلدان غير المستقرة والمتخلفة والضعيفة في العالم، حيث الاقتصاد والعلم والحرية الدينية، والأولويات الإنسانية آخذة في الانحدار، وبدلا من ذلك؛ وصل الفقر والبطالة والصراعات السياسية والاقتصادية فيها ذروتها.

 

يعمل العديد من المواطنين الطاجيك في الدول الأوروبية كالعمالة، لأن بلادهم تفتقر الثروة، ونظام حكم منظم، والتعاون الكامل بين رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين، وقد أجبرت هذه النقائص الطاجيك على الانضمام إلى صفوف داعش من أجل اكتساب المال، كما يدفع داعش لهؤلاء الأشخاص أموالاً مقابل حياتهم.

 

يتألّف فرع خراسان لتنظيم داعش إلى حد كبير من المواطنين الطاجيك، ويشير تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز إلى أن نصف أعضاء فرع خراسان من الطواجيك، وقد انضم من عام 2014 إلى عام 2019، ألفا طاجيكي إلى داعش في سوريا والعراق، وتم القبض على المواطنين الطاجيكيين عدة مرات في هجمات داعش على موسكو وأفغانستان وبعض البلدان الأخرى في المنطقة، وزعم هؤلاء الأشخاص أنهم أجبروا على الفرار من البلاد، وقد قبلوا العروض المالية الكبيرة لداعش بسبب المشكلات وانضموا إلى هذا التنظيم.

 

لقد وصل الفساد في أعلى مؤسسات طاجيكستان إلى ذروته، حيث أصبحت الرشوة والسرقة والفساد والنهب مبدأً أساسياً في مؤسسات البلاد، الأمر الذي تسبب في تراجع طاجيكستان يوماً بعد يوم، وبدلاً من خلق المزيد من الوظائف وفرص العمل لشعبهم، أصبحوا مهتمين فقط بالمصالح الشخصية وتنمية نفوذهم، والإكثار من الثروة.

ليس الفقر وحده هو الذي يدفع المواطنين الطاجيكيين إلى الانضمام إلى داعش، بل إن الاستبداد والضغوط الدينية هي عوامل أخرى تجذب الشباب إلى صفوف هذه الجماعة، وإن تنظيم داعش يعد الشباب بالحرية الدينية، وتقوية الدين، والخلافة العالمية، وهو ما يكون سببا في انخداع الشباب العاطفيين والانضمام إلى هذه المجموعة بسهولة.

بالإضافة إلى الفقر والاستبداد والضغوط الدينية، فإن الدكتاتورية هي عامل رئيسي آخر يدفع الطاجيك إلى الانضمام إلى داعش، وكانت طاجيكستان متورطة في الحرب ضد حركة التحرير الإسلامية من عام 1992 إلى عام 1997، وعلى الرغم من انتهاء الحرب، إلا أن الحركة تم إلغائها عام 2015، وألقي القبض على قادتها أو تم اغتيالهم، وظل إمام علي رحمان، الرئيس الحالي لطاجيكستان، في السلطة منذ عام 1994 ويبدو أنه سيبقى في منصبه إلى أجل غير مسمى.

ومن هنا يمكن القول أن أحد أهم أسباب هزيمة وتراجع تنظيم داعش المتطرف هو عدم وجود إيمان قوي بين أعضائها، وإن أعضاء هذه المجموعة، مثل مواطني طاجيكستان، قد انضموا إليه لأسباب مالية، ومكانة اجتماعية، وأهداف أخرى، وليس على أساس عقيدة وبرنامج قوي، وإن هذه المجموعة سوف تستمر نحو الانحدار.

ابو صارم
Exit mobile version