لقد دأب الكفار من الشرق والغرب على محاولة إضعاف الإسلام من خلال إنشاء جماعات تدّعي الانتساب إليه، ودعمها وتمويلها لتطبيق مناهج منحرفة تحت مسمى الإسلام.
وفي سياق هذه المحاولات، ظهرت جماعة داعش كإحدى هذه المجموعات التي وصفها علماء الإسلام بأنها من الخوارج، وذلك بالنظر إلى تحذيرات الإسلام من أفعالهم وسلوكهم. وقد أُطلق عليهم هذا الاسم لأنهم خرجوا عن طاعة أمير المسلمين وجيشهم، بهدف خلق التحديات أمام الصف المسلم الموحّد ومنع تقدمه بما يتماشى مع مخططات الكفار.
رغم تعدد أعداء الإسلام ونظامه، إلا أن هذه الجماعة تُعدّ من أخطر الأعداء لأنها تعمل تحت اسم الإسلام لتحقيق أهدافها الخبيثة، ولأنها تنسب منهجها المنحرف إلى الدين. لهذا السبب، تستغل بعض شباب الأمة الساذجين أو الجاهلين، فتوقعهم في شباكها وتلقّنهم أفكارًا باطلة.
هؤلاء هم أتباع الخوارج الأوائل الذين أضمروا العداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخمدوا نار البغض في قلوبهم. ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما قاله ذو الخويصرة التميمي أو حرْقوص بن زهير السعدي عندما اعترض على رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: “اعدل يا محمد!”
وقد ردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: “ومن يعدل إن لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أعدل” (رواه البخاري ومسلم).
أي: إذا لم أقم بالعدل، فمن الذي سيقوم به؟ وإذا لم أعدل، فأنا في خسارة وفساد.
هذا الحديث دليل صريح على عدالة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا يمكن لأي اجتهاد أو فكر خارجي أن ينقضها. ولكن لأن هؤلاء الخوارج عبيد للماديات ولا يعترفون بقدسية الإسلام، اعترضوا على النبي صلى الله عليه وسلم عندما لم يمنحهم نصيبًا من الغنائم، وأقدموا على توجيه هذا الخطاب الوقح إليه.
الخوارج المعاصرون هم امتداد لفكر ذي الخويصرة، وينطلقون من نفس المنهج المنحرف الذي نبذه الإسلام منذ أربعة عشر قرنًا. وقد حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم قائلاً: “يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدَعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد” (رواه البخاري وأحمد).
أي: يخرجون من الإسلام كما يخرج السهم من الرمية، يقتلون المسلمين ويتركون المشركين، ولو أدركتهم لقتلتهم كما قُتل قوم عاد.
أيها شباب الأمة، لا تقعوا في فخ أساليب الجماعات التكفيرية. لا تكونوا أداةً شعوريًا أو لا شعوريًا في مواجهة النظام الإسلامي. عليكم دراسة منهجهم المنحرف في ضوء أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وتحليل فلسفة إنشائهم وأهدافهم. افهموا مصادرهم ودوافعهم لتدركوا أنهم مجرد أدوات تخدم مخططات أعداء الإسلام.