منذ إعلان ما يسمى بـ”خلافتهم”، دأب خوارج داعش على رفع شعارات من قبيل “الأمر بالمعروف” و”النهي عن المنكر”، مدّعين أنهم يعملون على تطهير المجتمع الإسلامي من المنكرات والمعاصي والعودة به إلى عصر السلف الصالح.
غير أن التمحيص الدقيق في سلوكهم، وممارساتهم، وأثرهم في العالم الإسلامي يكشف بجلاء هذه الحقيقة المرّة، وهي أن هذه الجماعة البغيضة، في الوقت الذي ترفع فيه شعار “النهي عن المنكر”، ترتكب بنفسها منكرات عظيمة تتنافى مع الدين، والعقل، والفطرة الإنسانية.
الخوارج المعاصرون، تمامًا كما كان عليه أسلافهم الأوائل، يتبنون فهمًا سطحيًا وخاطئًا لمفاهيم الدين المنزل، مصحوبًا بتشددٍ خارجيّ متطرف، فحوّلوا “النهي عن المنكر” إلى مجرد ذريعة وأداة لتبرير الظلم، والإرهاب، وقتل الأبرياء، والتكفير الواسع، وسعوا من خلاله إلى إضفاء الشرعية الدينية على جرائمهم الوحشية.
بينما القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، يجمعان على أن “النهي عن المنكر” يجب أن يُمارَس بالحكمة، والموعظة الحسنة، والعدل، والرحمة، نجد داعش قد انحرفت نحو العنف غير الإسلامي، ففجّرت المساجد، وقطعت رؤوس المخالفين، وأحرقت الأحياء، وهي أفعال تعد من أعظم المنكرات في الإسلام.
وفي هذا المقال، سنعرض بإيجاز بعض أبرز المنكرات التي ارتكبها خوارج داعش:
1. القتل بغير حق:
رغم أن القرآن الكريم صرّح بوضوح:
“من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً”،
إلا أن داعش واصلت قتل المسلمين، والنساء، والأطفال بوحشية فريدة.
2. الإساءة إلى المقدسات دون شك:
من الاعتداء على القبور والمساجد إلى تدمير الآثار النبوية، بحجة محاربة البدع، يُظهر ذلك جهلاً صارخًا بتاريخ الإسلام وتعاليم النبوة.
3. تكفير المسلمين:
يقوم خوارج العصر، بناءً على ضيق أفقهم العقدي، بتكفير كل مسلم لا يوافقهم الرأي، في حين قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“من قال لأخيه يا كافر، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه”.
4. استغلال المفاهيم الإسلامية الشريفة:
لقد شوّهت داعش مفاهيم الجهاد، والخلافة، والحدود، وتطبيق الشريعة، وحولتها إلى أدوات للتمدد، والسيطرة، والتسلط، مبتعدة عن مقاصد الشريعة وروحها.
وفي الختام، لا بد من التأكيد أن أفعال داعش لم تقدم للعالم إلا صورة دموية مشوهة عن الإسلام، وساهمت في إشعال الحروب الأهلية، وتخريب البلدان، ونشر الكراهية بين المسلمين أنفسهم.
وما يفعلونه تحت مسمى “النهي عن المنكر” ليس إلا إعادة إحياء للمنكرات تحت ستار الجهل، وهو ظلم مزدوج للدين والإنسانية على حد سواء.
