أيها الخدم المخلصون لدين الله تعالى، أيها الجنود الصابرون والمجاهدون الشجعان!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبارك لكم انتصاراتكم! هذا البشرى هو شعاع ساطع من نصر الله يمتد بين السماء والأرض، وملأ قلوب المخلصين بالفرح. جهادكم المتواصل، وتضحياتكم، وخطواتكم على درب رضى الله، هي المصابيح التي قادت قافلة الإسلام المباركة نحو العزة والرفعة.
أنتم ورثة أولئك الذين هزموا جحافل الكفر الكبرى في غزوة بدر بقلّة عدة وعتاد. حياتكم الصابرة، تضحياتكم التي لا تعرف الكلل، هي مصدر إلهام لكل المسلمين، وتؤكد أن أي عقبة في طريق الإيمان لا يمكن أن تضعف العزائم.
بفضل الله، ظهرت ثمرة جهادكم في تحرير جزء من الأرض. ولكن مع هذا التحرير العظيم، جاءت مسؤوليات جسيمة على عاتق أكتافكم المتعبة لكن المنتصرة. ومن باب النصيحة، نقدم لكم بعض التوجيهات المختصرة:
1- التزموا التقوى!
أيها الإخوة الأعزاء! أنا واثق أن شعلة التقوى كانت دليلًا قويًا لكم في ميادين الجهاد. لذا، بعد النصر، استمروا في خشية الله، وامتثلوا لأوامره، وتيقنوا أن التقوى ستضفي النور على حكمكم.
التقوى هي زينة الإيمان، ونقاء الأعمال، وسر النجاح الأساسي لكل مسلم. وكما أن التقوى أوصتكم بالصبر في المحن، يجب أن تدفعكم الآن إلى الشكر في أوقات النعمة. الصبر والشكر هما الفضيلتان اللتان تكملان جمال التقوى لديكم.
2- أهدوا المحبة والمودة للشعب!
لا تنسوا تعب وشقاء أولئك الشعوب المخلصة والشجاعة الذين وقفوا بجانبكم في هذا النضال الطويل. جعلوا من بيوتهم معاقل لجهادكم، ومن موائدهم مصدرًا لرزقكم، وفتحوا قلوبهم لكم بمحبة صادقة.
لقد ضحوا بجوع أطفالهم، وتشرد أسرهم، ومواجهة أصناف المعاناة، فقط لكي يعلو دين الله وتظل مظلة النظام الإسلامي تظللهم. لذا، ينبغي أن تعاملوا هذا الشعب بمودة واحترام تحت راية النظام الإسلامي.
3- قووا سلطتكم بالوحدة!
الوحدة هي الحصن القوي الذي لا يمكن لأي عاصفة أن تهدمه. بدلاً من التفرق، احرصوا على تعزيز روح الأخوة والوحدة بمزيج من الحب والإخلاص.
لكن اعلموا أن الوحدة الحقيقية تكون فقط عندما ترتكز على شريعة الله. لا تقعوا في شرك آرائكم الشخصية. فتعاليم القرآن والسنة هي التي ترسم المسار الصحيح للمجتمع للوصول إلى النصر.
انتبهوا لأولئك الذين يزرعون بذور الفتنة والخلاف بين صفوف المسلمين. مثل داعش وغيرها من الجماعات التي تسعى دائمًا لإضعاف المسلمين. تخلصوا من هؤلاء الأعداء الذين يبثون سموم التفرقة كي لا تضيع ثمرة جهادكم.
4- قدموا الدين باعتدال!
الإسلام يرشدنا إلى طريق الاعتدال في كل مجالات الحياة. فلا مكان فيه للإفراط أو التفريط. أنتم سفراء دين الله، فقدموا الدين للناس بطريقة تجذب قلوبهم إليه، لا تخيفهم منه أو تنفرهم.
خاطبوا الناس بالكلام اللين، لأن الشدة والقسوة تغلق أبواب القلوب. استمعوا إلى مشاكلهم، وكونوا رحماء بهم، وسعوا لتوفير التسهيلات التي تخفف من أعباء حياتهم.
5- احذروا من الغرور!
كل جهودكم السابقة، وتضحياتكم، وبطولاتكم، هي عبادات خالصة نابعة من قلوب مخلصة. ولكن تذكروا أن الغرور، إذا تسلل إلى القلب، يمكن أن يحول كل هذه الأعمال في لحظة إلى سراب.
الغرور يجعل الإنسان يفخر بجهوده وينسى نصرة الله تعالى. لقد انتصرتم لأن الله نصركم، وإذا أفسد الغرور هذه النصرة، فستنغلق أبواب البركة، وستواجهون الفشل، لا قدر الله.
6- لا تربطوا قلوبكم بالمناصب المؤقتة!
كل منصب ومقام هو اختبار من الله. فقد منحكم الله فرصة لخدمة الناس وإقامة الحق. فإذا خان أحدكم هذه الفرصة، فإن المنصب لن يكون شرفًا له، بل عبئًا.
اليوم أنتم في موضع السلطة، ولكن غدًا قد يذهب هذا المنصب إلى غيركم. التاريخ يعلمنا أن الملوك والحكام يذهبون، لكن أعمالهم تبقى. فاستغلوا الفرصة بطريقة صحيحة.
الخاتمة:
نيابة عن الشعب المجاهد في أفغانستان، أقدم لكم مرة أخرى أصدق التهاني. أسأل الله أن يظل نصيرًا لكم، وأن يوفقكم دائمًا لتقديم الصورة الحقيقية للإسلام.